12 سبتمبر 2025
تسجيلما زال الكيان الصهيوني يمارس خديعة العالم بزعمه المتواصل عن كونه واحة للديمقراطية في الشرق الأوسط. والمفارقة أن النخب السياسية في الغرب تصدق هذه المزاعم وتتعامل معها بحسبانها حقيقة مؤكدة. وتصنفها ضمن الدول الديمقراطية في العالم. غير أن المفارقة الأكثر حدة أن ثمنا نفرا من وطننا العربي ممن ارتبطوا بما يسمى بوثيقة كوبنهاجن. وانخرطوا في عمليات تطبيع سياسي وثقافي وفكري خلال العقدين الأخيرين. يسيرون في المنحى ذاته وهو الإيمان بديمقراطية الكيان وبعضهم وجهت له دعوات لزيارة مؤسساته وعاد مبشرا بالسلام والتعاون الإقليمي. ورغم أن شيئا من ذلك لم يتحقق في الواقع. فإن هؤلاء النفر ما زالوا سادرين في غيهم ويدافعون عن علاقة طبيعية. مع عدو ما زال يحتل الأرض ويغتصب الحقوق. وبالطبع هم خضعوا للدعاية الصهيونية وهى إنصافا للحق قابلة على التصديق على الصعيد النظري. ولكن عند الإمعان في مقارباتها الواقعية تكون بمنأى عن الحقائق التي فرضها الكيان على الأرض.ومن ضمن هذه الحقائق. ما يحدث في الداخل الفلسطيني للعرب الذين تمسكوا بالأرض. والتي تتناقض تماما مع الصورة النمطية التي يحاول الكيان تسويقها سواء في الغرب أو لدى دعاة التطبيع في المنطقة. وهو ما يكشف عنه تقرير مهم للسفارة الفلسطينية بالقاهرة وذلك بمناسبة اليوم العالمي لدعم ومساندة الفلسطينيين. داخل الخط الأخضر الذي وافق الثلاثين من يناير. أي أمس الأول السبت.فوسط الهجوم الشامل الذي تشنه حكومة الاحتلال والتطرف والتمييز العنصري برئاسة بنيامين نتنياهو على كل رموز ودلالات الوجود الفلسطيني وفي سياق محاولاتها المحمومة لقمع الهبة الشعبية العارمة في الأراضي المحتلة المستمرة منذ مطلع أكتوبر الماضي، وما أكدته هذه الهبة من مظاهر وحدة وتضامن وتساند كفاحي بين مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني وتجمعاته. فإنها تواصل هجمتها على الحقوق والمكتسبات السياسية والمدنية لأبناء الشعب الفلسطيني العربي الصامد على أرض الآباء والأجداد في الجزء المحتل من الوطن عام 1948. وهو ما تجلى في إقدامها مؤخرا، مدعومة بمختلف أطراف وأجسام المؤسسة الصهيونية الحاكمة (حكومة وكنيست ومؤسسات أمنية وجهاز قضائي). على إغلاق ومصادرة أملاك عشرات الجمعيات الخيرية والاجتماعية والصحية والتعليمية. إلى جانب ذلك تتواصل حملات التحريض على قادة الجماهير العربية في الداخل بما في ذلك النواب المنتخبون ورؤساء وقادة الأحزاب والمجالس البلدية والمحلية، كما يستمر تنفيذ مخطط (برافر) للتطهير العرقي في النقب، إلى جانب استمرار شتى أشكال التمييز والإجحاف في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والخدمية كما تثبت ذلك الإحصاءات الصادرة عن الجهات الرسمية الإسرائيلية. ولا تبدو هذه الإجراءات العنصرية الإسرائيلية مجرد ردة فعل انتقامية أو عارضة بسبب موقف سياسي معين لهذا الطرف أو ذاك، بل هي جزء لا يتجزأ من عملية تحول إسرائيل رسميا إلى دولة تمييز عنصري Apartheid، كما أنها عملية محكومة بأن تتسع وتشمل كل مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل، وتجد ترجماتها اليومية في التنكر للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وفي استكمال إجراءات التمييز العنصري ومصادرة الحقوق السياسية والمدنية لهذا الجزء العزيز من الشعب الباقي في الأراضي المحتلة عام 1948.ومن أبرز محاور تضييق الخناق على فلسطينيي 48 من قبل سلطات الكيان ما يلي: * تقييد الحريات: التضييق على حياتهم من خلال سن قوانين عنصرية تهدف لتنفيذ مخططات مبيتة وممنهجة ضدهم، حظر نشاط الحركة الإسلامية وإخراجها خارج القانون هي وجمعياتها الأهلية المعنية بقضايا التعليم والتطوير وكفالة الأيتام، اعتقال الناشطين السياسيين على خلفية تضامنهم مع الهبة الوطنية داخل فلسطين في القدس والضفة وكتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حملات التحريض على النائبة حنين زعبي وحزب التجمع الوطني الديمقراطي، حبس النائب السابق بالكنيست سعيد نفاع على خلفية زيارته إلى سوريا في عام 2007، محاكمة أحمد بركة على خلفية نشاطه السياسي في المظاهرات. * هدم البيوت ومصادرة الأراضي: وآخر تجليات ذلك ما تعرضت هل قرية العراقيب والتي هدمت 93 مرة في غضون خمس سنوات، وأقامت إسرائيل منذ قيامها 1000 قرية ولم تبن مجمعا سكنيا واحدا للعرب، يعيش بالنقب 100000 مواطن عربي غير معترف بهم ولا يتمتعون بالحد الأدنى من الخدمات الإنسانية.* الميزانيات والأوضاع الاجتماعية: وفي هذا الصدد فإن الكنيست يقر الميزانيات بعيدا عن تحسين الوضع المعيشي للعرب الذين يعانون تمييزا عنصريا متراكما، رفع وزارة التعليم ميزانية الجهاز الديني اليهودي 12% والتعليم العبري 8% وللعرب 5%، وأثبت تقرير من مؤسسة التأمين الوطني أن الفقر استفحل ووصل بين العرب إلى 55 % بينما عند اليهود 14%* تشريعات: في عام 2015 جرى تقديم 41 قانونا عنصريا ضد الحقوق الفلسطينية لعرقلة حل القضية الفلسطينية، وهناك 3 مسودات للقوانين العنصرية ستبلور في العام الجديد وسيقرها الكنيست وهي "الإطعام القسري للأسرى، وتجريم إلقاء حجر" وقيد التشريع قانونا يجيز سجن الأطفال دون 14 عاما، وهناك إجماع على عدم شرعية أي حكومة تقوم في إسرائيل بمشاركة أعضاء الكنيست العرب، صراعهم من أجل الحفاظ على انتمائهم الثقافي والعقائدي والديني والفكري وحقهم في المساواة والتعددية السياسية والفكرية والاجتماعية والسؤال هل تتفق هذه الإجراءات مع ما يسوقه الاحتلال عن ديمقراطيته؟