15 سبتمبر 2025

تسجيل

مناديل الأمنيات

01 فبراير 2011

يعيش فى هذا العالم أعداد لا يمكن تعدادها من البشر، اختلفت لغاتهم وحياتهم، تطور بعضهم ووصل الى قمة العلم والتكنولوجيا، وما زال بعض آخر يعيش طرقا غريبة فى الحياة تقترب من البدائية، يسكنون على أرض كوكب واحد، أغنياء وفقراء، يشتركون كلهم فى مقدرتهم على بعث الأمنيات والآمال التى قد تكون أحيانا هى سبب وجودهم وحياتهم بأكملها. وعلى مدى سنوات تعرفت فيها على الكثير من الناس من ثقافات متعددة، ورأيت فيها الكثير من البلاد وما كان يثير استغرابى أن الجميع له أمنية، أحيانا تكون كبيرة كالمستحيل، وفى أحيان أخرى أراها صغيرة سهلة المنال، ولكن يظل هناك من يتمناها بقوة، مثلما عجبت يوما لمن قرأت عنها بأن أقصى أمنياتها فى الحياة كانت رؤية شلالات لا تبعد عن بيتها سوى بضعة كيلو مترات، وما يدعو للأسف حقا أنها توفيت قبل أن تحقق هذة الأمنية!! ومنذ فترة شدنى أحد البرامج التلفزيونية الذى يلقى الضوء على بعض معالم جمهورية داغستان فى روسيا، ومن ضمن ما شاهدته أنه يوجد فى أعالى جبال داغستان كهوف كثيرة يعتبرونها كهوفا مقدسة، فيقيمون فيها بعض الصلوات والطقوس الدينية الخاصة، أما أكثر هذه الكهوف المنتشرة لديهم هو كهف كبير، تتفرع أمامه شجرة كبيرة تسمى شجرة الأمنيات، ويأتى لزيارة هذا الكهف خاصة الكثير من الناس لأداء بعض الصلوات جالبين معهم مناديلهم الخاصة، فيكتب كل زائر أمنيته فى منديله، ثم يقوم بربطه فى أحد فروع هذه الشجرة اعتقادا منهم بأن لها من البركة والخير ما يحقق لهم الأمنيات. وقد كانت أفرع الشجرة مثقلة بالمناديل المربوطة المعلقة بأمنيات وآمال صغيرة وكبيرة. ونحن البشر حقيقة لا نملك أحيانا الا الأمنيات التى قد تتحقق، وقد تعصف بها الريح لتذهب بها بعيدا مثلما يحدث بالتأكيد لكثير من مناديل الأمنيات المعلقة بتلك الشجرة. ومما هو جدير بالتفكر هو لجوء كثير من الشعوب مع اختلاف ثقافاتهم على ايجاد مكان للتمني، كبحيرة أو جسر أو نافورة للأمنيات، وكأنهم يريدون أن يجعلوا الأمل حيا دائما فى القلوب، وان التمنى أيضا هو نوع من السعادة، فالانسان حينما يضع أمنيته يمضى سعيدا كأنه يكاد أن يحصل عليها وتتراءى أمامه وكأنها سهلة المنال. وقد يكون الشيء الوحيد الذى يستطيع أن يتجدد مع اشراقة كل صباح فى الحياة هو انبعاث الأمانى والآمال الجديدة، التى وان خاب الكثير منها، الا أنها تملك خلايا التجديد لتجعلنا نعود ونأمل من جديد دونما كلل او سأم، ونستطيع معها أن نشعر بقوة الأمل لأنها من تعدنا كل يوم بغد أفضل، ومن تعيننا على مواجهة مصاعب الحياة. أما ما يجب ألا ننساه ونغفله، اننا لو فتشنا فى التاريخ الشخصى لانجازات حياتنا الكبيرة، نجد أنها قد تكون بدأت بحلم وأمنية صغيرة صباح يوم ما. فكل ما علينا هو ألا نكف عن الأمل والتمني، وأن نعقد معه صداقة متينة، أفضل ما فيها أنها صداقة لا تنهيها الصدمات والخيبات، بل هى من تدب فيها القوة فتتوثق دائما لتجعل الحياة أجمل، والسعادة أقرب. [email protected]