29 أكتوبر 2025

تسجيل

التيسير الكمي.. هل ينقذ الاقتصاد الأمريكي؟؟

01 يناير 2014

جاءت أزمة عدم إقرار الموازنة الأمريكية والموافقة على رفع سقف الدين الحكومي العام لتؤثر سلباً على بعض المؤشرات الاقتصادية والمالية الإيجابية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الربع الثالث من هذا العام، والتي تمثلت في انخفاض معدلات البطالة إلى 7.3% والذي يعد أدنى مستوياته منذ بداية الأزمة المالية العالمية في سبتمبر 2008 نتيجة لتراجع معدلات البطالة في 44 ولاية أمريكية في شهر أغسطس الماضي عما كانت علية في ذات الشهر من العام الماضي بالإضافة إلى ارتفاع متوسط عمل الأسبوع من 34.4 إلى 34.5 ساعة. وقد واكب ذلك تزايد مؤشر تفاؤل المستهلكين في شهر سبتمبر الماضي إلى 86.7 نقطة بعد بلوغه 76.4 في شهر أبريل من ذات العام وهو يعد المؤشر الأعلى منذ يوليو 2007 بما يعزز ثقة المستهلكين الأمريكيين بمستقبل اقتصادهم، وهو الأمر الذي انعكس أثره على تزايد الإقبال على شراء السلع المعمرة والعقارات وأسعار الأسهم وما ترتب على ذلك من انتعاش البورصة وسوق المال. هذا وقد شكك بعض الخبراء في التفاؤل الزائد للمستهلكين الأمريكيين، وأرجعوا ذلك التفاؤل والتحسن إلى انخفاض أسعار البنزين بنسبة 8.1% وهو ما لم يتحقق منذ ديسمبر 2008، وكذا إلى انخفاض أسعار المستهلكين بنحو 0.4% وهو يمثل الانخفاض الأكبر منذ ذات التاريخ حيث كانت جميع المؤشرات والتوقعات تشير إلى عدم انخفاضة بأكثر من 0.2% فقط.. وبرهنوا على صحة وجهة نظرهم بتراجع معدلات النشاط الصناعي والعقاري في ولايات الوسط الأطلنطية وزيادة أعداد العاطلين الذين تقدموا للحصول على إعانات بطالة خلال الربع الثاني من هذا العام. وتساءل العديد من المتخصصين والخبراء هل من الممكن أن تؤدي تلك المكاسب المتحققة بسوق العمل الأمريكي وانخفاض معدل البطالة بالبلاد إلى تفكير مسؤولي البنك المركزي بشكل جاد وسريع في إنهاء المرحلة الثالثة من سياسة التيسير الكمي التي بدأ البنك في تنفيذها من خلال طبع وتخصيص 85 مليار دولار شهريا لشراء الديون؟ وهي السياسة التي كانت سبباً أساسياً مباشراً في خفض معدلات البطالة وارتفاع مستويات التشغيل وأدت في الوقت نفسه إلى رفع ميزانية البنك المركزي الأمريكي لتبلغ نحو 3.46 تريليون دولار. وقد أعلن محافظ البنك المركزي الأمريكي "بن برنانكي" وكذا خليفته "جانيت يلين" والتي سوف تتولى المسؤولية رسمياً في يناير المقبل على أن هذه السياسة لن تتوقف ولن تزيد كذلك معدلات الفائدة بالبنوك وستظل أقرب إلى الصفر، حتى يتحسن ويتعافى الاقتصاد وتزيد معدلات نموه، وتنخفض نتيجة لذلك معدلات البطالة بشكل ثابت وغير قابل للانتكاس حتى وإن أدى ذلك إلى إحداث المزيد من التضخم، وقد ترتب على الاستمرار في تطبيق هذه السياسة أن زاد صافي عدد الوظائف خلال الشهور الستة الماضية بأكثر من 220 ألف فرصة عمل شهرياً، وأعلن أنه بعد ضمان تحقيق النتائج المرجوة من هذه السياسة فإنه يمكن أن يتم تخفيض هذا التيسير الكمي تدريجياً. هذا وقد استغل البعض تحسن فرص التشغيل وانخفاض معدلات البطالة والتعافي النسبي للاقتصاد الهش للضغط على بنك الاحتياط الفيدرالي من أجل خفض مشترياته الشهرية من أذون الخزانة والأوراق المالية "وفقاً لبرنامج التيسير الكمي المعلن"... فيما يرى البعض الآخر أن صورة الاقتصاد الأمريكي مازالت مضطربة وغير واضحة وأن التعافي الاقتصادي للبلاد قد تعثر لأكثر من مرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ويؤكد أصحاب هذا الرأي على احتمالية استمرار تعثر الاقتصاد الأمريكي من جديد في الربع الأخير من هذا العام في ظل عدم الإقرار النهائي للموازنة بالكونجرس وكذا الرفع المؤقت لسقف الدين الحكومي وتوقعات وكالة ستاندرد أند بورز بخفض النمو الاقتصادي الأمريكي إلى 2.5% فقط بدلاً من المتوقع سابقاً والمقدر بـ 3%.. مما يستلزم من وجهة نظرهم ضرورة استمرار البنك المركزي الأمريكي في استكمال مسيرة التيسير الكمي لبضعة شهور إضافية أخرى لضمان تحقيق معدل نمو اقتصادي جيد ومستقر ولمدى زمني طويل نسبياً وتحقيق خفض أكبر بمعدل البطالة. وتؤكد غالبية قيادات البنك المركزي الأمريكي وفي مقدمتهم المحافظ الحالي والمقبل على أهمية الدور الذي تلعبه سياسة التيسير الكمي في تحسين ودعم ونمو الاقتصاد وتوفير المزيد من فرص العمل، وأن شغلهم الشامل ومحركهم الأساسي يتمثل في خفض معدل البطالة بالبلاد، وأن خفض برامج التيسير الكمي أو زيادتها أمر مرهون بخفض معدل البطالة أو زيادته، حتى لو أدى ذلك إلى إحداث المزيد من التضخم الذي سوف يؤدي خفض معدلاته عن المعدل المستهدف من البنك المركزي الأمريكي والمقدر بـ 2% إلى خلق أزمة سيوله ستؤدى بالتلقائية إلى خفض الطلب على السلع والخدمات ومن ثم إحداث المزيد من الانكماش والركود.