20 سبتمبر 2025

تسجيل

دس الرؤوس في الرمال

31 أكتوبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يجتهد بعض المخلصين والصادقين في إصلاح الأخطاء التي يرونها في الأوساط التي تحيط بهم ، ويبذلون وسعهم في تقديم النصيحة . إلا أنه ومع قلة المساندين والمعينين لهم ، ومع عدم وجود تغيير أو تعديل سريع وواضح ، ومع تعرضهم - أحيانا - للأذى النفسي أو البدني نتيجة تقديمهم للنصيحة ، فإن اليأس يبدأ في التغلغل إلى نفوسهم ، مما يدفعهم إلى الانزواء ، والتوقف عن محاولات الإصلاح ، وهذه من أخطر الأمور التي يقع بها المصلحون .لأن الانزواء ودفن الرؤوس في الرمال يساهم في زيادة الأخطاء والفساد ، ويعمّق الخلل ، ويزيد في الانحراف ، مما يصعّب من عملية الإصلاح في المستقبل .لذلك مَن قصد الإصلاح فعليه أن يتحمل الأذى الذي يصيبه ، ويحتسب الأجر على الله تعالى ، ويتذكّر أن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .ثم على أهل الإصلاح ، الاقتداء بالأنبياء والمرسلين ، وسلف الأمة الصالحين ، والذين اجتهدوا في دعوة أممهم وإخوانهم ومن حولهم ، وسعوا إلى إصلاح الأوضاع السيئة التي كانت تحيط بهم ، سواء كانت في الأمور العقدية أو الأخلاقية والسلوكية .فسيدنا نوح عليه السلام دعا قومه ليلا ونهارا ، سرّا وجهارا ، ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام كان يغشى الناس في مجالسهم ، ويحرص على مواسم اجتماعهم كي يبلغ دين الله ورسالته .وهناك العديد من المصلحين المعاصرين ممن عُرِفوا بحرصهم على الوصول إلى الناس أينما كان تجمّعهم ، من أجل تقديم النصيحة الصادقة لهم ، فمنهم من ذهب إلى الأسواق ، ومنهم من قصد الأندية الرياضية ، ومنهم من زارهم في استراحاتهم ، ومنهم من دخل المقاهي الشعبية ، وما فعلوا ذلك إلا لحبهم الخير ، وحرصهم على إصلاح الفساد بقدر استطاعتهم ، وإبراء للذّمّة أمام الله تعالى .هناك أخطاء تقع داخل العوائل والأسر والقبائل ، وأحيانا يوجد خلل عند الجماعات الدعوية ، وهناك تصرفات خاطئة ترتكبها بعض الأحزاب السياسية ، وكذلك الأمر عند بعض الطوائف الدينية ، كما أن المؤسسات الخاصة أو الحكومية ليست ببعيدة عن ارتكاب الممارسات الخاطئة .والواجب على من له صلة أو تأثير على هؤلاء أن يسهم في إصلاح الخلل من الداخل ، وأن يستمر بذلك ولا ييأس ، حتى ولو لم يجد من يعينه أو يناصره ، ولا يلتفت أو يستسلم لمن يحاولون إقصاءه أو إبعاده أو تحجيمه ، ما دام محبا للخير لهم ، حريصا على ارتقائهم .فإذا صدقت النية ، وتم استخدام الطريقة والأسلوب المناسبين في الطرح والعلاج ، واستعان بالله تعالى ، فإن أثر التغيير سيظهر- بإذن الله تعالى - ولو بعد حين .إن قطرات الماء المتتالية تنحت الصخر ، و " كثر الدّقّ يفكّ اللحام " ومن أدمن طرق الباب يوشك أن يُفتَح له .