02 نوفمبر 2025
تسجيلالإسلام الذي اشتق اسمه من السلام، دين الرحمة حيث كتب جل وعلا على نفسه (رحمتي وسعت كل شيء)، دين الحق الذي يؤمن به مايزيد على المليار ونصف المليار إنسان في أرجاء المعمورة، يمارسون طقوسه يومياً على اختلاف أعراقهم ومذاهبهم وعاداتهم، يستمدون منه الأمان الروحي والسلام الداخلي، ويطبقون مبادئه بفطرة سليمة تؤمن بأن الرحمة أساس الإيمان والعمل الصالح. آيات بينات كثيرة أكدت على أن الدين الإسلامي لا يأمر بالعدوان والاعتداء على الآمنين وإن خالفونا بالدين والمعتقدات، فقد قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين). كما أكد القرآن الكريم بما لا لبس فيه أن النفس البشرية بالرغم من معتقداتها الدينية لها حرمة عظيمة لا يسمح بالمساس بها، فقد قال تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ). وقد أوجز الرسول محمد صلى الله عليه وسلم رسالته بقوله: "إنّما بُعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق"، وبعد الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة، أصدرالرسول الكريم وثيقة المدينة المنورة التي تعد دستوراً تاريخياً مكتوباً، تساوى فيها سكان المدينة على اختلاف أعراقهم وأنسابهم ودياناتهم، واجتمع فيها العربي وغير العربي والمسلم وغير المسلم، حيث أعلنت الوثيقة أن هؤلاء جميعًا أمة واحدة لها حقوق وعليها واجبات. ما يقوم به المتطرفون في أيامنا هذه من قتل ومجازر جماعية وتقطيع للرؤوس وسبي للنساء والأطفال واستباحة لأعراضهم، والاستيلاء على ممتلكات الناس وترويعهم وفرض الجزية عليهم بحجة إنهم غير مسلمين، في ممارسات تذكرنا بالقرون الوسطى المظلمة، كل هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية تمارس تحت شعار الإسلام وبتأييد حسبما يزعمون من نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، حتى بات الكثير من الناس في أنحاء العالم يربطون بين الإسلام وهذه التنظيمات الإجرامية، والأكيد ان الإسلام بريء منها كل البراءة. فما يحدث اليوم فتنة كبرى تثير الحقد والكراهية وتزرع الموت في هذه المنطقة الحساسة من العالم، في فترة هي الأكثر صعوبة وتعقيداً منذ غزو المغول والصليبيين للعالم الإسلامي. نحن أحوج ما يكون إلى استلهام الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تدعو للرحمة والإحسان، حتى نتعلم منها أنه لا سبيل للخروج من النفق المظلم الذي دخلت به شعوبنا العربية والإسلامية إلا بالتسامح والعفو والتصالح مع النفس ومع الآخر.