14 سبتمبر 2025

تسجيل

بهاء الخط العربي

22 يناير 2016

يتوهج الحرف العربي ويزهو بنفسه متسامياً فوق الهزائم والإهمال والتجاهل، يرتقي إلى الأعالي حاملاً عنفوانه الخاص وبهاءه الجامح .الحرف العربي الذي دُوّن كتاب الله به وجُعل فيه سر إعجازه وبيانه وليحمل قداسة تضاف إلى روعته وشموخه، منذ أن كان في أعماق الجزيرة العربية (مسنداً) على القبور والآثار إلى أن حولته أنامل الخطاطين المبدعة إلى لوحات حديثة في المتاحف ومعارض الخط ، ليجذب ملايين الزوار من أنحاء المعمورة وينافس بروعته أجمل الأعمال الفنية. حيث يتبارى الخطاطون في رسم حروفه التي ينمقونها ويطرزونها مثل الخيوط الملونة، فيجعلوا من الحرف الصامت حرفاً ينطق بالحيوية ويضج بالحياة ويعبر عن جماله في تلك الأشكال والحركات التي جعلته ينطق من خلال المداد بغير لسان، وكما قالت العرب قديماً (الخط لسان اليد). وقد امتاز الخطاطون العرب والمسلمون بالجمع بين جمالية المقروء وإبداعية الخطاط، فاختاروا من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وأهم المقولات والأشعار والحكم العربية ليودعوا فيها أجمل ما لديهم من جمالية الخط وروائعه. ولقد تحدث عن ذلك المؤرخ الكبير أبو العباس القلقشندي الذي قال: (اللفظ إذا كان مقبولاً حلواً رفع المعنى الخسيس وقرّبه من النفوس، وإذا كان غثاً مستكرهاً وضع المعنى الرفيع وبّعده من القلوب). وقد قال ابن المقفع يصف قيمة الخط العربي: (الخط للأمير جمال، وللغني كمال، وللفقير مال). كما قال أحد الشعراء:تعلّم قوام الخط يا ذا التأدبفما الخط إلاّ زينة المتأدّبتعلّم قوام الخط يا ذا التأدبوإن كنت محتاجاً فأفضل مكسبوقال أبوتمام يصف جمال رسالة جاءته فأعجب بها:مداد مثلُ خافية الغرابوقرطاس كرقراق السرابوألفاظ كألفاظ المثانيوخط مثل وشم يد الكَعابكتبتُ ولو قدرت هوى وشوقاًإليكِ لكنتُ سطراً في كتابوقد تحدث الخطاط الدكتور علي أرسلان (خطاط وأستاذ بجامعة استانبول) عن الخط العربي بقوله: (يعتبر فن الخط، أصعب الفنون الإسلامية، وذلك لأن الفنان فيه لا يملك في يده غير القلم البسيط، وهذا القلم مسطرة الخطاط وبِرْجَلُهُ، وهو قسطاسه الذي يعين به أحجام الحروف، فهذا القلم يقوم بأداء كل وظائف الآلات الأخرى التي يمتلكها الفنانون في سائر الفنون الأخرى).