29 أكتوبر 2025
تسجيلفي زمن عراقي صعب، وفي ظل ظروف تشكل وطني جديدة لمرحلة مستقبلية مختلفة تحاول الجماهير الشعبية المحتشدة في شوارع العراق تكريسها ومغادرة قطار التخلف والتوحش والعدمية والطائفية الرثة، تبرز رموز طائفية همجية بائسة تعبر عن حقيقة فكر الجماعات الظلامية الطائفية التي لا تعيش إلا على الأزمات والمصائب، ولا تنتعش إلا على رائحة الدماء والجثث المحترقة.. فقد انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر أحد أبرز الوجوه في مقاتلي الحشد الطائفي وهو المدعو (أبو عزرائيل)!! منهمكاً في حرق جثة لمواطن عراقي من بيجي وتقطيع أوصالها بالسيف في منظر همجي وبربري بشع يكرس كل معاني التخلف والإرهاب!، وبرغم من هول الصدمة إلا أن المدعو أبو عزرائيل عاد في فيديو لاحق ليسجل اعترافا صريحا بأنه قد قام فعلا بذلك الفعل البربري وليس مع شخص واحد وإنما مع ستة آخرين بدعوى أنهم من عناصر تنظيم الدولة!!، وبعيدا عن الدخول في مماحكات كلامية رثة وجدل سفسطائي لاجدوى منه نقول إن أبسط مباديء إدارة الحروب في الإسلام تؤكد على حرمة التمثيل بالقتلى كما قال رسولنا الكريم (ص): لا تمثلوا ولو بالكلب العقور!! تفاخر أبو عزرائيل بذلك الفعل الهمجي ليس مفاجئا أبدا، بقدر ماهو تحصيل حاصل لحجم الوحشية التي يعيشها العراق وهو يئن تحت سلطة فاشلة، وفي ظل هيمنة عصابات طائفية هائجة ومطلقة السراح أقوى من الدولة تمارس ما يحلو لها من الجرائم البربرية وتعلن عن ساديتها وفاشيتها من خلال ضرب وتهديد الجماهير المنتفضة الهادفة للتغيير، والتي تحاول اليوم إجهاض التحرك الجماهيري بشتى الوسائل، ولكن مع الصراع الشعبي من أجل تصحيح المسيرة وإنهاء الفساد وفتح جميع الملفات وإبعاد الوجوه السلطوية الكالحة التي تسببت بكل هذا الخراب الكبير، فإن معاركا أخرى تجري على الأرض تتمثل في الإستنزاف الهائل الذي تعانيه قوات الحشد الشعبي وإنهيار الروح المعنوية بين صفوفه والذي تجسد عبر هروب آلاف الشباب العراقي من صفوف الحشد وطلبهم للجوء في الدول الأوروبية ضمن موجة وهوجة الهروب الشامل الحالي للشباب العراقي بسبب الفشل السلطوي الكبير، أما ما تفعله بعض الدوائر والجهات في العراق بتسليط الأضواء على رموز طائفية تعبر عن التخلف والبربرية وثقافة الموت من أمثال المدعو (أبو عزرائيل) الذي تسلم تقدير غريب من مؤسسة المرجعية ذاتها تحت عنوان (وسام المرجعية)! تم توشيحه إياه في كربلاء قبل أيام!!، وهي خطوة إستفزازية وغير مدروسة ولا تصب أبداً في مصلحة السلم الأهلي بل تدخل ضمن إطار تصعيد الحرب الطائفية ونقلها وتوسيعها لآفاق غير مطلوبة في هذه المرحلة بالذات التي تشهد حراكا شعبيا، وصراعا بين قوى التقدم والمستقبل ونقيضها قوى التخلف والتبعية والهمجية، العراق يمر اليوم بمنعطف تاريخي حاسم يتطلب توحيد الجهود وتجاوز مرحلة الشد والجذب الطائفي التي تهدد بتمزيق البلد، والتركيز على مقاربات عمل وطني جديدة ومختلفة وليس التركيز على إبراز النماذج الطائفية الرثة التي تستحضر كل عوامل التطرف وإشعال الفتن، ومهمة إعادة البناء صعبة في ظل الظروف الراهنة ولكنها ليست مستحيلة في ظل ما أفرزه الحراك الشعبي الجماهيري من وقائع ومستجدات باتت تفرض خيارات لابد أن تستجيب لصوت الشارع الذي يغلي رغم كل صنوف التهديدات من العصابات والميليشيات الطائفية التي يضرها كثيرا توحيد الخطاب الجماهيري العابر للطائفية المتوحشة... إدارة الصراع في العراق تتطلب عقليات متفتحة وأساليب حضارية ليس من بينها تمجيد وتعظيم القتلة ورموز الفتنة الطائفية!!