15 سبتمبر 2025

تسجيل

إسلامي وأفتخر

31 أغسطس 2012

في مقالي السابق ( المسلمون قادمون ) أشرت إلى أن الأمة العربية والإسلامية شهدت مؤخراً تحوّلات كبرى وهامّة أحدثتها الثورات العربية المباركة غيّرت بموجبها مجرى الكثير من قضايا الأمة العربية والإسلامية وتأثرت معها أفكار ومواقف وتوجّهات الشعوب والحكومات وبالتالي فقد هبّت رياح التغيير في "عالم الأفكار" في العالم العربي والإسلامي بأكمله رغم أن الثورات لم تندلع إلّا في دول معينة فيه ولكن بذور الإصلاح والتغيير قد انتشرت مع تلك الرياح القويّة ولعلّها قد وقعت على أراضٍ خصبة هنا وهناك من أقطار الدول العربية والإسلامية فغاصت بذورها في تربتها وتغلغلت جذورها فيها.. تمهيداً لخروج براعم الحرية والعدالة والنهضة والحضارة في دول طغى عليها الظلم والقهر والتخلف والفساد. لقد كشفت لنا تلك الثورات حقيقة بعض الحكومات الخائنة والعميلة لأعداء هذه الأمة ممن كانوا يزعمون أنهم عكس ذلك، كما كشفت لنا الثورات انقسام الناس ما بين مؤيد ومعارض بل ومهاجم لتلك الثورات، فالمؤيدون وهم أغلب الشعوب العربية والإسلامية الذين فرحوا بزوال الطغاة وبدء عصر الحرية والعدالة والمعارضون المناهضون وهم إما من أتباع الطغاة ومن أنصارهم وإما من المخدوعين أو "المثبطين المحبطين" لكل بوادر الفجر القادم لهذه الأمة، وقد ساهم هؤلاء مع أتباع الطغاة ومؤيديهم في دعم الطغاة بشكل أو بآخر من خلال سكوتهم أو معارضتهم أو ربما معاونتهم للطغاة وتأييدهم لهم، بل وسقط في هذا الوحل عدد من أشباه العلماء الذين كشف الله حقيقتهم وسقطت أقنعتهم للناس بعد أن استخدموا فتاويهم ودروسهم وخطبهم لنصرة الطغاة والظلمة بدلاً من نصرة المظلومين من إخوانهم المسلمين في فهمٍ سقيمٍ لأحاديث الفتنة أو درء المفسدة أو السمع والطاعة لولاة الأمر. كما سقطت القومية والقوميون العرب بمجرد اندلاع هذه الثورات العربية التي أثبتت أن القومية كانت شعاراً فارغاً وطبلاً أجوف كان ينادي به بعض المثقفين العرب الذين ينادون بالوحدة العربية دون النظر للدين الإسلامي كدين موحّد لهذه الأمة الإسلامية، فقد سقطت شعارات القومية العربية وانخرست ألسنة المطالبين بها عندما تبيّن أن الدول القومية التي احتضنت هذه المبادئ في مهدها مثل سوريا والعراق ومصر واليمن كانت تعيش في عصور من الظلم والفساد والتخلف بسبب تلك الأفكار التي ساهمت في تفكك وانقسام تلك المجتمعات. الأمر الأهم في هذه الثورات العربية أنها كشفت كذلك خيانة دول وحكومات بل وفرق ضالة كانت محسوبة على الأمة الإسلامية ومدى تآمرها مع الطغاة ومع أعداء الأمة في قتل وتشريد الأبرياء من شعوب العالم الإسلامي وهو الأمر الذي انكشف جليّاً في موقف إيران "الإجرامي" ودعمها لطاغية الشام بشار الأسد بل وكشف لنا خيانتها للأمة الإسلامية بأكملها من خلال طائفيتها البغيظة الحاقدة حيث حرّكت إيران أتباعها وأذنابها في العراق ولبنان فضلاً عن أذنابها ومواليها في دول الخليج العربي.. حرّكتهم من أجل نصرة هذا الطاغية ومن أجل نشر عنصريتها الحاقدة البغيضة المتمثلة في الهلال الشيعي الممتد من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان، ولهذا كانت إيران أكثر الدول دعماً لهذا الطاغية ومناهضة لثورة الشعب السوري الحر لأنها أيقنت بأن في أرض سوريا اندحارا لها وكسرا لشوكتها وفضحا لها ولمؤامراتها مع الصهاينة ومع كل قوى الشر ضد شعوب الأمة الإسلامية وتحديداً من السواد الأعظم فيها من أهل السنة ممن لم يحرّفوا ولم يبدّلوا ولم يشوّهوا دين الإسلام ولم يكذبوا على الله ورسوله ويفتروا ديناً جديداً وفق أهوائهم الشرهة والمتعطشة للجنس والمال. نعم لقد ظهر الإسلاميون المؤيدون لنصرة دين الله والمنادون لتطبيق شرع الله في أوطانهم بعد أن غلبت عليها شريعة الغاب وغلب عليها الظلم والقهر والاستبداد، فحصحص الحق ولجأت الشعوب إلى شرع الله وأقبلت على الإسلام بلهفة من جديد بعد أن منعهم الطغاة من عبادة ربهم في جاهلية أخرى عاشتها مجتمعات مثل تونس ومصر، وانكشف كذلك كل من يكره هذا الدين ويكره تطبيق شرع الله بعد أن فضحهم الله بمحاربتهم لحكم الإسلاميين ورفضهم لهم من "عبيد الحكام وجنود الطغاة". في زمن الثورات المباركة تجلّى للجميع بأن هناك عودة للإسلام وصحوة من جديد اختارتها الشعوب بمحض إرادتها وبفطرتها السليمة التي خلقها الله بها، وسقطت بذلك كل الدعاوى الباطلة التي تنادي بالقومية أو الليبرالية أو من دعاة التقارب بين المذاهب الذين زعموا أنهم يمثّلون مذهباً فقهياً بينما هم في الأساس فرقة ضالة منحرفة محاربة للإسلام والمسلمين، ولهذا فمن المهم ومن الضروري أن يوضّح كلٌ منّا موقفه بعد هذه الأحداث فإما أن يكون مع الحق والعدل ومع دين الله "الإسلام" وإما أن يكون مع الظلم والكفر والشرك وقوى الشر. وأذكر أنني قد قرأت رأي أحد القراء حول ما أكتبه فقال بأنه معجب بما أكتبه لولا خطابي "الوعظي" أحياناً، وهو – أي القارئ - قد يكون صائباً في ذلك وقد يعني بشكل أكثر وضوحاً بأنني "إسلامي التوجّه زيادة عن اللزوم" ففهمت معها بأنه ليبرالي التوجّه، فأيقنت الآن بأنه في ظل هذه الأحداث وفي ظل افتخار الطائفيين والمنافقين والقوميين والليبراليين بشعاراتهم الباطلة أصبح لزاماً عليّ ككاتب أن أقولها مفتخراً بديني .. نعم أنا .. " إسلامي وأفتخر ".