16 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ الخامس من يونيو - حزيران 2017 أعلن حصار قطر، الذي فاجأ القطريين والعرب والعالم، كأن الأنظمة التي حاصرت دولة قطر وشعبها اختارت هذا اليوم بدقة وعن نية مبيتة وبسابق إضمار وترصد، لأنه نفس تاريخ ما يسمى "مصرياً" بالنكسة حين دمرت حرب خاطفة إسرائيلية غاشمة ومحتلة سلاح الجو المصري وحين باءت خيارات الرئيس جمال عبدالناصر بالفشل الذريع والهزيمة. ويوجد وجه التشابه بين "نكسة" مصر والعرب 1967 ومغامرة الحصار الجائر المضروب على شعب قطر 2017 وهو يكمن في أن بعض العرب عوض أن توحدهم المحن وترص صفوفهم وتجمعهم على كلمة سواء كما أمر رسولهم الأعظم المصطفى الأمين مارسوا عكس ما تفرضه أخلاق الإسلام وقيم العروبة، فتفرقوا شيعاً وتشتتوا مللاً وانفجروا حباً ونوى، ومن مؤشرات هذه النكسة الثانية الحقيقية ما أعلنته أنظمة (ولا نقول دولاً) شقيقة من محاصرة شعب عربي مسلم هو جار وحليف في شهر رمضان وكان حكام الخليج والعرب مجتمعين ومعهم صاحب السمو أمير قطر حفظه الله قبل أسابيع في الرياض مع الرئيس الأمريكي (ترامب) لتنسيق السياسات ومواجهة التحديات!. المؤسف كما قالت صحيفة (الخليج) هو أن الأزمة الخليجية كما اتفق على تسميتها جاءت عكس الأزمات السابقة، لأنها ليست مجرد أزمةٍ عابرة فقد أوغلت في نزف الجراح الاجتماعية والإنسانية والأسرية بين شعوب شبه الجزيرة العربية وكانت الأزمات الخليجية السابقة مقيدة بين جدران أروقة الحكم في المنطقة الخليجية إلا أن هذه الأزمة امتدت إلى شعوب المنطقة التي لطالما اتسمت بالمتانة وعمق الأواصر. وعودةُ إلى تداعيات الممارسات المشينة والقرارات البائسة المتخذة من جانب الدول التي أعلنت العقوبات والحصار على قطر، حيث وجدت أسر خليجية أنفسها مجبورةً على الفراق والتشتت بلا رحمة حين طالبت دول الحصار مواطني قطر بمغادرة تلك الدول على الرغم من أن كثيرا من الزيجات الخليجية مختلطة بمواطني الدول الست وهو ما لم تفعله قطر بل أكرمت مواطني دول الحصار ولم تتعرض لمصالح أو أمن أي منهم. وكغيرها من الأقاليم الجغرافية فإن اندلاع الأزمات بين الكيانات السياسية قد يكون أمراً طبيعياً وتنتهي بالتصالح إلا أن مثيلتها الخليجية الحالية وهي تجتاز عتبتها الرابعة تزداد اتساعاً ويعتقد مراقبون أن وسائل الدبلوماسية والإعلام والتواصل الاجتماعي تؤدي دوراً شريراً وسلبياً في تعميق أزمة الحصار الخليجي بسبب هبوط مستوى عديد المدونين من جنسيات دول الحصار وإعلامييها في الوقت الذي تترفع فيه دولة قطر قيادة وشعباً وإعلاماً عن الترهات ولغو الكلام وهتك الأعراض تأميناً منها للمستقبل في المنطقة بعد زوال أسبابه وعودة الرشد لبعض مسؤوليه. والتجأت قطر إلى المحكمة الدولية فأنصفتها في عديد القضايا المرفوعة ضد الدول المارقة عن القانون الدولي وآخر قضية كسبتها قطر تتعلق بالمجال الجوي المغلق جوراً وكيداً أمام أسطول طائرات القطرية، وهو ما يتناقض مع ميثاق المنظمة الدولية للطيران المدني والتجاري نفس الميثاق الذي سبق أن وقعت عليه دول الحصار وخرقته بلا ضوابط! وأحكم الحصار جواً وبراً وأرضاً ولكن أيضا بشرياً (في شكل عقاب جماعي دون تمييز في الظلم) فامتد ليشمل المواطنين الخليجيين العاملين في تلك الدول على اختلاف أصناف أعمالهم التي عملوا فيها لعقود طويلة وكغيرهم من الشرائح المتضررة وجد الطلاب الجامعيون والمدرسون أنفسهم خارج أسوار تلك المؤسسات التعليمية إثر مطالبتهم بالمغادرة جراء الحصار الخليجي، تلك المطالبات لاقت صداها على مواقع التواصل الاجتماعي التي فتحت آلاف النقاشات حول مستقبل أبنائهم والضرر الذي لحق بهم، أضف إلى ذلك ضياع حقوق رياضيين وصحفيين ومذيعين وفنانين ومديرين وأصحاب مشاريع اقتصادية، وأسهم في شركات ومصارف خليجية متنوعة، والذي يدعو للاعتبار والفخر هو أن دولة قطر وهي تحيي ذكرى الخامس من يونيو 2017 استوعبت درس التاريخ الحديث فحولت الحصار إلى تحقيق اقتصاد وصناعة وطنيين قويين ثم هي استغنت عمن استغنى عنها، بينما غرق المحاصرون في أزمات إقليمية ودولية بعقلية المغامرين المتهورين ورأينا كيف تتحرك جماهير دول عربية رافضة لهيمنة هذه الأنظمة وتدخلاتها في شؤونهم وصناعة الفتن التي لا تخدم سوى أعداء العرب والاستعماريين التقليديين من عنصريين غربيين ومن متصهينين إسرائيليين متطرفين المروجين لصفقة القرن صفقة العار وبيع شعب فلسطين وتصفية حقوقه المشروعة. [email protected]