17 سبتمبر 2025
تسجيلإن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الدنيا عبثا، بل خلقها لحكمة وعمرها بالبشر، إني جاعل في الأرض خليفة، فالإنسان مستخلف في الأرض، والمرء الصالح القوي هو الذي لا يقف من الأحداث موقفا سلبيا، فهو مسؤول عن نفسه وعن زوجته وأبنائه وعن مجتمعه ووطنه، لذلك فهو يقف دائما موقفا إيجابيا، ولا شك أن اكتساب القوة والتحلي بها من علامات الايجابية، والإسلام يدعو المسلمين أن يكونوا أقوياء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لَو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم، والتطلع إلى ما عند الله من نعيم والخشية مما لديه من أنكال وجحيم، يجعل المسلم يسعى نحو الخير ويبتعد عن الشر، لأنه يعلم أن الله يراقبه فيطمع في رحمته وما عند الله من نعيم، ومن هنا كان لزاما على المسلم أن يعتني بروحه فيقبل على صقلها بالعبادة والمراقبة لله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار، بحيث يبقى يقظا متقيا أحابيل الشيطان الماكرة ووسوسته المردية، فإذا مسه طائف من الشيطان في لحظة من لحظات الضعف البشري، هزته الذكرى فارتد بصيرا متيقظا تائبا مستغفرا، فإن ديننا الحنيف يرشدنا إلى الخير ويأمرنا به ويبعدنا عن الشر وينهانا عنه، فالمسلم كالنخلة يرميها الناس بالحجارة وترميهم بالثمار، فإيجابية المسلم تعود عليه بالنفع وتتعدى إلى المجتمع، فيصلح الله به المجتمع، فبالإنسان الصالح يقوى المجتمع ويتعاون أفراده، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، فإن من أبرز سمات الإيجابية في الشخصية الإسلامية كما يريدها ديننا الحنيف هي دعوتها لكي يتحمل صاحبها المسؤولية.فالمسلم الحق يجب عليه أن يكون عنصرا فعالا في الحياة والمجتمع ومؤثرا نحو الخير إيجابيا لا سلبيا، فالكثير منا يحتاج إلى من يدفعه إلى الطاعة، وإذا لم يجد من يدفعه قعد واستراح، ومنهم من لا يندفع مهما دفعه الدافعون ومهما حثه الغير، ويفر أصلا من تحمل مسؤولية نفسه، فلا يعمل الخير، الواجب عليه فضلا عن أن ينقله للآخرين أو يحث الآخرين عليه أو يدفعهم إليه، فلنحرص على أن نكون أقوياء نؤثر في الغير لا ضعفاء نحتاج إلى الغير، فكن كالقطار يحمل الناس ولا تكن محمولاً، وبدلا من أن تحتاج إلى من يدفعك، كن مستقيما نشيطا تدفع غيرك وتصلح غيرك، ولا تتكل على غيرك، فإذا لم نتعاون على البر والتقوى لن نجد أثرا وتأثيرا في المجتمع لا تقل يئسنا ولا تتشاءم ولا تقل نفسي نفسي، فإنه يجب عليك أن تبذل جهدك في تغييرهم وإصلاحهم وتقويمهم ضمن ضوابط الحكمة والاتزان، فإنك لا تدري أين يكون الخير وأين يكون التأثير وممن يكون ومتى يكون نغيِر السيئ إلى الحسن والحسن إلى الأحسنِ، إذا كان كل واحد سيقول ما الفائدة، فلن نستطيع أن نفعل شيئا، وعندئذ يزداد الشر ويقل الخير، لكن إذا كان كل واحد يتجه إلى نفسه أولا محاسبا لها مزكيا مطهرا مصلحا، ثم يلتفت إلى من حولَه فيدعو إلى الخير والإصلاح، ثم يلتقي مع إخوانه الشباب والرجال الذين صلحت قلوبهم واستقامت سلوكياتهم، فيضع يديه بأيديهم فيتم البناء لبنة فلبنة، ومن هنا نجد التوجيه النبوي إلى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان.لذا يجب على المرء الاهتمام بنفسه ودعوته للخير وزجرها عن الشر، فإن روح المبادرة قائدة ودليل إلى النجاح والتفوق، والحياة مليئة بفرص الخير ومجالات التقدم كثيرة، ولكن يقل من يتقدم لنيل المبادرة وقصب السبق، ونحن متفاوتون في طريقة استقبالنا لمثل هذه الفرص، فالبشر تواقون إلى النجاح والإنجاز في حياتهم الشخصية والعملية، ولكن النجاح الدائم حلم صعب المنال، فالإنسان الصالح الذي يغتنم أيامه ولياليه في طاعة الله تعالى، فيبقى له العمل الصالح الذي يصعد إلى الله فيكون حجة له يوم القيامة يدافع عنه ويكون وسيلة لنيل أعلى الدرجات عند الله تعالى، ولا يعني مرور الأيام الطيبة أن المسلم يقف عند هذا الحد كلا وألف كلا، وإنما أفضل الأعمال أدومها وإن قل، فليست العبرة بالكم وإنما العبرة بالكيف وبمدى قربك لله تعالى وامتثالك لأوامره والإذعان له بالطاعة في كل وقت وحين، والسعي نحو الأفضل ليكون الإنسان الصالح ومنه يكون المجتمع الصالح، فإننا ننجح عندما نضع أهدافا واضحة ومحددة ونسلك درب الاجتهاد والجد والمثابرة، للوصول إلى هذه الأهداف فيكون الإنسان الصالح مثمرا كالاشجار الطيبة تؤتي ثمارها بإذن ربها.