19 سبتمبر 2025
تسجيلأقف اليوم تقديراً للريادة التي حققتها صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر في مجال تعميم البنية التحتية الرقمية بكامل مدارس وجامعات مؤسسة قطر، هذه المؤسسة التي أرست أركان القرن الحادي والعشرين في مجال التربية والتعليم وتنمية المجتمع من يوم إنشائها بمبادرة كريمة وواعية إلى اليوم عام 2021، أي أن المؤسسة الفتية هي التي فتحت أبواب القرن الجديد على مصراعيها للمجتمع القطري حتى يدخل عصره وقد تحقق حلم الشيخة حفظها الله في أن ترى وطنها يدخل بثقة وإيمان وعلم وريادة في قلب الألفية الثالثة، لأنه لا تقدم لمجتمع ما في الاقتصاد والصناعة والسيادة السياسية بدون ثورة مباركة حقيقية في مجال التربية والتعليم وإنشاء الإنسان المندمج في عصره بأدوات عصره، وهو ما تم واعترفت لها به منظمة اليونسكو الأممية كإنجاز غير مسبوق وكافأته منظمة (إيزي) العالمية للتميز التربوي بجوائز متلاحقة سنوية كأفضل تجربة تعليمية في الشرق الأوسط. ثم حين أعلنت المؤسسة أنها اعتمدت كلياً على التعليم عن بُعد عبر شبكة الإنترنت في جميع مدارس مؤسسة قطر، وذلك اعتباراً من يوم الأحد 4 أبريل 2021 كما سيُعاود جميع موظفي مؤسسة قطر باستثناء الموظفين الأساسيين منهم بالعمل عن بُعد حتى إشعار آخر، وقالت المؤسسة عبر موقعها الإلكتروني إن هذه الاجراءات تأتي تأكيداً على أهمية صحة وسلامة موظفينا وطلابنا وكافة أفراد المجتمع، والتي تأتي على رأس أولوياتنا وبسبب الزيادة في عدد حالات الإصابة بكوفيد - 19 في دولة قطر وفي العالم كله، وتزامناً مع التوجيهات ذات الصلة، وتشكل تجربة التعليم عن بُعد المرتبطة ببروتوكولات الصحة أحد جوانب النجاح الرائد في تعميم البنية التحتية الرقمية بالمؤسسة وسائر معاهدها التعليمية، وبالنظر إلى 18000 مستخدم للتطبيق الذي أنشأته المؤسسة، نستكشف أهمية التحول الرقمي واهتمام المتابعين عبر التطبيق بتفاصيل الشبكة الرقمية الخاصة بالمؤسسة. وتمكنت المؤسسة في زمن الجائحة بفضل تعميم الرقمنة من استمرار نشاطاتها العلمية والتربوية والثقافية بوسائل الاتصال عن بُعد وهو في حد ذاته إنجاز قيم. أنا شخصياً حين أعبر عن اعتزازي بريادة مؤسسة قطر فلأن اعتزازي يختلف عن غيري من الناس، لأني من حسن حظي كتب الله لي أن أعيش وأساير الخطوات الأولى لميلاد مؤسسة قطر في مطلع التسعينيات حين حظيت بشرف الإسهام في تلك الخطوات وشرف ثقة صاحبة السمو الشيخة موزا مع غيري من دكاترة جامعة قطر والكوادر الأولى التي خططت للمدينة التعليمية لتحقيق مشروعاً بدأ صغيراً محدوداً ثم ترعرع وتعملق مع الزمن، ليجسد اليوم بعد عشرين عاما ذلك الحلم. كانت البداية في فيلا صغيرة عادية في سوق العلي، كان كل من يمر في السيارة بين مبنى الجوازات والمباني المقابلة للجوازات يقرأ لافتة خشبية بيضاء كبيرة ثبتناها على الفيلا مكتوباً عليها باللون الأزرق وبخط جميل (مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع)، وتساءل الناس عن هذه المؤسسة، وكنا أحياناً نستقبل مواطنين ومقيمين يدفعهم الفضول لمعرفة ما ومن وراء هذه المؤسسة وسر هذه الفيلا الصغيرة، كنا نعمل في مكاتب هذه الفيلا مع الدكتور سيف الحجري زميلي في الجامعة والأخ سعيد العبسي (محاسب أردني) وسكرتيرة سودانية لطيفة تموقع مكتبها الصغير عند مدخل الفيلا، لتكون هي السكرتيرة وموظفة الاستقبال معاً. وكان الدكتور سيف هو الدينامو المحرك بتوجيهات صاحبة السمو نحو التخطيط للمستقبل برؤى استشرافية تتصور المجتمع القطري بعد عشرين عاماً (وهو ما تحقق بفضل من الله وإرادة قيادة الدولة وحماس نخبتها ونحن اليوم عام 2021)، ثم شرعت عام 2001 شخصياً بتكليف من المؤسسة حين انتقلت إلى مبناها الأول في طريق الوجبة في رحلة خارج قطر للاطلاع على المعاهد الشهيرة لتخريج الكوادر الدبلوماسية، فزرت صحبة مدير المؤسسة آنذاك كلا من لبنان والمملكة الأردنية الهاشمية، وفيها المعهد الدبلوماسي برئاسة وزير الخارجية ثم الاقتصاد الأسبق كامل أبو جابر (توفاه الله منذ سنة رحمة الله عليه)، ثم زرنا فرنسا والمعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية فيها في مدينة (نانت)، كما أقمنا في لندن ثلاثة أيام لنطلع على أعرق تجربة في الدراسات الدبلوماسية العليا بجامعة (واستمنستر)، ثم حللنا بتونس ومعهدها الدبلوماسي، وهي الدولة العربية المغاربية ذات التراث العريق في الدبلوماسية وعدنا للدوحة بتقارير ضافية حتى نلائم بين هذه التجارب وما تتطلبه الدبلوماسية القطرية من كوادر أصيلة. تعود إليّ هذه الذكريات وتتزاحم في ذهني والمؤسسة تحتفل بأحد وأنجع مكاسبها، حيث بلغت بفضلها دولة قطر شأناً بعيداً من التميز والريادة. كاتب تونسي [email protected]