30 أكتوبر 2025
تسجيلرمضان شهر العبادات والطاعات والتقرب إلى الله والعودة إليه والإنابة له، ما كان شهر طعام وملذات وشهوات. عادات خاطئة يفعلها كثير منا في الشهر الكريم، فإذا هلَّ الشهر الكريم بهلالِه، حدثت طوارئ في بيوت المسلمين، وتسارعوا على الأسواق يشترون الطعام ويخزنون في المطابخ من كل أنواع الأطعمة والمعلبات، ويشترون المكسرات ولك أن تتخيل كمَّ الأغذية وكمَّ الإسراف، وكأن رمضان هو شهر الطعام وبقية الشهور شهور الجدب والفقر. فتسارع الأمهات بالهجوم على الآباء وطلب المصاريف المبالغ فيها لتكفي أغراض الشهر من تخيلاتهم، ويأتون بكل ما تشتهي الأنفس ويقومون بتخزينه، ربما انتهى الشهر ولم ينته ذلك الخزين وربما فسد أو أصبح غير صالح لتناوله. فلماذا حالة الطوارئ هذه؟! لماذا لا يكون شهرًا طبيعيًّا كبقية شهور العام؟ ويكون الإكثار في العبادة لا الإكثار من الطعام؟! فقد أمرنا الله تعالى بالطعام والشراب لكن دون إسراف في ذلك، فقال: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا، كما نهانا عن التبذير، وشبَّه المبذرين بإخوان الشياطين، فقال: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ. ومن العادات الخاطئة أيضًا في الشهر الكريم هي الإكثار من العزائم وإعداد كل أصناف الطعام تباهيًا وتفاخرًا بالمائدة، فذلك أبغض إلى الله منه ثوابًا، فاعلم أن نواياك في الخير هي التي تحدد لك الثواب، فإن كانت نيتك التباهي والتفاخر بسفرتك ومائدتك وما عليها من مختلف الطعام، فقد ضيَّعت ثواب ما فعلت من إطعام الطعام، فاحذر ذلك وانتبه، فلا يجب التعدد الرهيب في الطعام فينتهي به الأمر إلى سلة المهملات أو أن يفسد دون الاستفادة منه، فاحذر من أن تجني ذنوبًا وآثامًا في ذلك الشهر من خلال الإفراط والتعدد الرهيب في المائدة. ومن العادات الخاطئة جراء السابق، هو قضاء النساء أغلب وقتهن في المطابخ يقومن بإعداد الأصناف والأنواع حتى تتورم أقدامهن، ويسهون عن الصلوات والأوقات، فإذا ما انتهى الإفطار فتجد جسدًا متهالكًا وأقدامًا متورمة، لا تقدر بعدها على فعل شيء سوى الاستلقاء في النوم، ذلك الخسران المبين، انتبهن أخواتي الفُضليات انتبهن لوقتكن، فالوقت الذي يذهب لا يعود ولا يعوض، فانتبهي لصلاتك وختمتك، ولا تضيعي ليلك نومًا من الإجهاد فأحييه بالقيام وإن شق عليك الذهاب للمسجد فأحييه في بيتك وصلي تراويحك فتفوزي الفوز العظيم، ما نفعك إعداد طعامك بالتبذير والإسراف، والتعدد والتنوع، ما نفعك يوم الوقوف أمام ربك. ومن هذه العادات أيضا الثرثرة والنميمة وقت اجتماع الناس في صلاة التراويح نساءً كانوا أو رجالا، فتجد النساء خصوصًا ربما كان حرصهم على التراويح لمقابلة صديقاتهن وجيرانهن وقلب الاستراحة وقت التراويح أو بين الركعات إلى حلقات سمر مملوءة بالنميمة والغيبة وتحصيل الذنوب والآثام، وربما تعالت أصواتهن حتى وصلت للإمام وللرجال، فاتقين الله يا نساء الإسلام، فإذا ما ذهبتِ إلى المسجد لأداء التراويح فاذهبي في كامل سترك وملابسك الفضفاضة غير معطرة ولا متبرجة، تصلين في هدوء وسكينة إذا قابلتِ أحد معارفك فاكتفي بالابتسامة لها من بعيد واقضِ وقتك في الصلاة والذكر وحسن الإصغاء للإمام، ولا تصطحبي معك أولادك الصغار فيثيرون الضوضاء والإزعاج على المصلين، فترجعين بذنوب من حولك جميعًا. وأنتم أيها الرجال كونوا أحسن خُلقًا في رمضان ولا تناموا نهارًا وتسهروا ليلا، ولا تتذمروا على توافه الأمور وتسبون وتشتمون بحجة أنكم صائمون، فما أنتم في ذلك من خلق الصائمين من شيء. فرمضان رحمة للبيوت وللقلوب، للكبير والصغير، فارحموا أنفسكم ومَن حولكم واتقوا الله وانصبُّوا مُنكبِّين على العبادة لا يشغلكم عنها شاغل.