14 سبتمبر 2025
تسجيلهذه المرة المأساة من قلب قطر الهانئة، الوادعة، هذه المأساة التي انتزعتنا من سكوننا المعتاد لتحيل كل ما حولنا، إلى حزن وألم. الحريق الهائل الذي شب في مجمع فيلاجيو وراحت ضحيته أرواح زكية أطفال في عمرالحضانة وأربع مشرفات ورجلا إطفاء، بالإضافة لعدد من المصابين بدرجات متفاوتة من الاختناق، وبعيداً عن الخوض في تفاصيل وأسباب الحريق المرّوع، هذه الأسباب التي للجهات الرسمية العليا وحدها الحق في الخوض فيها. ومثل أي كارثة كبرى تظهر معادن الناس وتشهد مآثر وبطولات بعض الرجال، لكنها بالمقابل تضع الأصبع تماماً على مكمن الخلل، فكم من أبنية تُركت دون أدنى إجراءات سلامة تحفظ أرواح وممتلكات الناس، وكم من مدارس ودور حضانة ضمت بين جدرانها المئات من فلذات أكبادنا لكنها لم تحتو أيا من وسائل الأمان المطلوبة بسبب جشع ملاكها وتراخي رقابة الجهات المسؤولة. ومنها هذه الحضانة التي ثبت انها غير مرخصة ولم تلتزم أصلاً بمعايير السلامة المطلوبة، وُأنشئت في مكان لم يكن مصمماً لحضانة وتم تحويره لهذه الوظيفة بدون موافقات أصولية، والمعروف ان لدور وحضانات الاطفال قوانين اكثر صرامة من بقية المباني، لكون من يستخدم هذه الفضاءات أطفال غير قادرين على التصرف بدون وجود اشراف. لم تغب من ذاكرتي يوماً صور الحريق الهائل الذي شب في مستودع للديزل ملاصق لفريجنا القديم (أم غويلينة)، فهذا الفريج الوادع الذي ُصدم في ظهيرة أحد الأيام في أواخر السبعينيات، بحريق سرعان ما صحبته انفجارات للبراميل المليئة بالديزل، جعلت ألسنة اللهب الهائلة تتطاير بعيداً، خالقة ذعراً بيننا نحن الأطفال جعل دموعنا تنهمر بلا توقف وتختلط على وجوهنا بدخان الحريق وتراب العاصفة الرملية التي هبت وزادت الحريق اشتعالاً، ولا أنسى الساعات الطويلة التي استمر الحريق بها ولا بسالة رجال الإطفاء ومجهودهم الهائل في مكافحة النيران التي بدأت تقترب من البيوت ولولا تدخل عمال الجرافات الذين جرفوا الرمال المتكدسة على جانب الطريق وكتموا بها الحريق لالتهم ذاك الحريق كل ما حوله، ولكان ذلك الفريج الوادع في خبر كان. رحم الله شهداء حريق فيلاجيو وألهم أهلهم الصبر والسلوان وحمى الله قطر وأميرها وشعبها من كل سوء وحفظها لنا واحة للأمن والأمان ودوحة يستظل بظلها كل إنسان.