14 سبتمبر 2025
تسجيلمذابح سوريا دماء تنزف على أيدينا وملابسنا وتتسلل إلى قلوبنا وتحولها إلى جراحات غائرة وآلام مستمرة، ومعارك مصر سياسية ترهق العقل وتجهد البدن وتجعل الإنسان يصاب بالحيرة والذهول، وإذا كنا نحمل أدنى درجات الحس الإسلامي أو العربي أو الإنساني فلا يمكن أن ننشغل بالمعارك السياسية في مصر "مرسي أو شفيق" دون أن ننسى هذه المذابح الرهيبة التي استغل فيها النظام السوري انشغال الأمة العربية بالمعارك السياسية والانتخابات الرئاسية والهموم المحلية فراح يذبح في شعبه بلا تفرقة بين طفل بريء يرنو إلى مستقبل مشرق، فإذا بالسكين في يد شبيحة النظام لا ترحم طفولته، ولا تشفق على إنسانيته ولا تكتفي بإطلاق الرصاص، وإنما تتبعه بتعقب الرجال والنساء والشباب والفتيات والأطفال ذبحا من أعناقهم بالسكين أو المنشار الكهربائي كما تذبح الخراف، ترى هل يرحمنا الله ونحن يعلو صوتنا في كل القنوات والمجالس عن الضمانات التي يستنزف بها الأحرار أو الأشرار ليس من أجل مصلحة مصر وإنما من أجل أن يكون لنا حضور في المشهد السياسي، أو ربما رغبة في قطعة من الكعكة التي لا أظن أحدا يختلف أن منصب الرئاسة لأي مرشح أو حزب أو جماعة هو مغرم حقا وعبء صدقا، ومن ثم لا أستطيع أن أنام أو أقوم، أن ألتفت يمنة أو يسرة دون أن أستشعر هذه الجثث حولنا التي يقذفها بين أيدينا ومن خلفنا وحولنا النظام السوري، وكأني بصرخات هؤلاء الأطفال والأمهات الثكالى والآباء الموتورين يصرخون في العالم كله ألا توجد عندكم بقية من إحساس؟! كما قال سبحانه: "فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِين * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ" (هود:116-117)، إن مذابح سوريا لم تتوقف يوما واحدا أو ربما ساعة من نهار منذ بدأت في مارس 2011م حتى اليوم! والجامعة العربية ترسل مراقبين، وفشلت فشلا ذريعا وحلت مكانها هيئة الأمم بما يسمى خطة "عنان"، وكأنهم أرادوا أن يطلقوا للنظام السوري العنان أن يفعل ما يشاء. سوريا الآن ليست في حاجة إلى المراقبين وإنما إلى المحاربين، سوريا لا تحتاج إلى الحناجر بل تحتاج إلى الخناجر، سوريا صرخت فيها النساء "وا معتصماه" فما أجابها أحد!، وقام الشبيحة بهتك الأعراض بالجملة فنادت "وا ذلاه" فما أنقذها في الأمة من أحد! واليوم مذبحة الحولة مائة قتيل أكثرهم من الأطفال الأبرياء والرجال العزل الذين قضوا نحبهم، وتركوا أوزارهم تتوزع بين قاتل بالفعل وقاتل بالترك، فالقاتل بالفعل قال فيه الله عز وجل: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا" (النساء: 93)، وبين قاتل بالترك عندما انشغلت الأمة بمآكلها ومشاربها وزخارفها وحدث ولا حرج عن المليارات وليس الملايين التي تنفق على المساحيق والعطور وتصفيف الشعر وترقيق الملابس وعمليات التجميل بوجوه تحمل قلوبا صدئة، وأنفسا مريضة، وعقولا هزيلة، وأخلاقا رذيلة، ومروءة قد غارت على أعتاب مدنية لا ترحم صراخ الأمهات ولا بكاء الفتيات ولا الدموع المحبوسة في عيون آباء من الرجال ذوي المروءات. يا أمتي هل تشبَّعنا بأفلام هوليوود حتى جعلتنا نتشرب الدم المسفوك، والخمر المتاح، والجنس المباح، والمخدرات في كل ساح؟! فصرنا نرى مذابح سوريا كأنها قطعة من هذه الأفلام الأجنبية أو المدبلجة، لقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم غزوة كبيرة لمجرد كشف عورة امرأة مسلمة واحدة سميت بغزوة بني قينقاع، وأقام غزوة أخرى من أجل محاولة اغتيال فاشلة من يهود بني النضير، وأقام غزوة أكبر هي غزوة بني قريظة لأنهم نقضوا العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مما هيأ الأجواء للأحزاب أن يقتلوا المسلمين لولا رحمة الله من إرسال الريح وإسلام نعيم بن مسعود الأشجعي، وقتل النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة كل من أنبت من اليهود لمجرد الغدر، وأقام فتح مكة وهو أكبر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم من أجل قتل اثنين فقط من بني خزاعة حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض كتب المغازي والسير تذكر أن بني خزاعة كانوا مسلمين وكتب أخرى ذكرت أنهم لم يكونوا مسلمين وانتصر لهم النبي صلى الله عليه وسلم. فهل نستطيع أن نستدعي حِسَّنا الإسلامي، ومروءتنا العربية، ومشاعرنا الإنسانية في مصر؟! رغم هذا القصف الإعلامي في معارك كلامية وتدابير جهنمية للالتفاف على الثورة، وإهداء دم الشهداء وإطفاء حماسة الشباب نحو إكمال مسيرتهم الثورية، وبناء مصر الجديدة حيث اجتمع القصف الإعلامي مع المكر السري لكي يحصل شفيق على خمسة ملايين صوت، وهو الذي لم يستطع أن يقيم مؤتمرا واحدا في شمال مصر أو جنوبها أو شرقها أو غربها، وما ذهب إلى بلد إلا متسللا، وما خرج إلى العلن إلا منتخِبا فقابله شباب مصر بالأحذية. نعم إنه المكر الخفي الذي لا أشك لحظة واحدة أن عودة شفيق الذي يأتي مدرجا بدماء شهداء موقعة الجمل وما بعدها، وعلى الجانب الآخر صاحب خبرة عريقة في ملفات فساد أمام النيابة الآن. ترى هل يقبل شرفاء مصر أن ينسوا إخوانهم في سوريا فيبتليهم الله بعودة النظام البائد!، ويومئذ لن تكون المذابح في سوريا فقط في الحولة، بل ستكون في التحرير، والسويس، وبورسعيد، والإسكندرية ومطروح والأقصر وأسوان وقنا وأسيوط والفيوم وبني سويف وربما تستثنى المحافظات التي أعطت الأصوات لعودة النظام البائد! فهل يستعد المصريون لإنقاذ إخوانهم في سوريا بانتخاب رجل عالم حر غيور على بلده مصر، وامتداد عروبته في سوريا والعراق والخليج والمغرب العربي، وامتداده الإسلامي في تركيا وماليزيا وأندونيسيا وقرقيزيا وأوزبكستان وأفغانستان والهند وباكستان لتعود مصر أمًّا حقيقية لأهل العروبة والإسلام، وليست قزما صغيرا للأزلام من أتباع مبارك وعائلته. أدعوكم من قلبي أن نفعل شيئا لوقف المذابح في سوريا، وأن نحفظ مصرنا أن تكون سوريا الثانية!