11 سبتمبر 2025
تسجيلعطفا على مقالي الأسـبـوع الفائت، والـذي تناولت فيه ميلنا للمجاملة على حساب صحتنا، تذكرت صديقاً احتج لأن الطبيب غسل يديه بعد إخضاعه: فيني جـرب؟ شكوت من دوخـة وقـاس لي الضغط وكتب لي شوية فحوصات، قلت له إن الطبيب يغسل يديه عشرات المـرات يومياً حـرصـاً على صحة مـرضـاه وصحته هـو، كـي لا ينقل المــرض المعدي من شخص لآخر، لأنه لو أصيب (الطبيب) بعدوى ينقلها إلى عشرات المرضى عن غير قصد ومن ثم فإنه يحافظ على نظافة يديه، فقال: زين، على الأقـل يغسل يـده بعد خـروجـي مـن العيادة ولا يعطيني الانطباع بأنني وسخ، فقلت له: وهل تحتج عندما تجلس بين يدي طبيب أسنان وهـو يـرتـدي كمامة حتى فـي عصر مـا قبل الـكـورونـا؟ فـقـال: أتضايق من ذلـك ولكنني لا احتج بصوت مسموع، فقلت لـه: هل خطر ببالك أن طبيب الأسنان يفعل ذلك كي لا تأتيك انت رائحة فمه أو لا تنتقل إليك أي جراثيم من جهازه التنفسي؟ فكان رده: أمثالك هم يشجعون الأطباء على السلوك "الغلط" لوقاية أنفسنا وغيرنا من فيروس الكورونا ينصحنا الأطباء بالسلوك الـذي ليس بـ"الغلط" ويقولون إن خط الدفاع الأول ضد الفيروس الناقل لـلـمـرض هـو غـسـل الأيــدي بـالـصـابـون بـانـتـظـام (مـن الـطـرائـف الـتـي تم تـداولـهـا مـع الـكـورونـا واحــدة يشكو فيها أحـدهـم: مـن كثر غسل اليد ظهرت في يدي برشامات المرحلة الثانوية)، ولا تنسوا يا جماعة الخير أن معظمنا يتناول الطعام بالأيدي من صحن/ طبق مشترك، وفي هذا الـصـدد سـأقـول كلاما قـد يستفز البعض: فـي زمـن كثرت فيه الأوبئة وظهرت فيه أمـراض لم يعرفها أجدادنا (الكورونا والإيبولا والحميات الـنـزفـيـة والـتـهـاب الـكـبـد وغـيـرهـا) فـإنـه مـن المستحسن أن يـنـفـرد كل شخص على المائدة بطبق خاص به، وبعدها يأكل بيده أو كوعه! هو حر.. فليس من العيب أن يعاف أعضاء الأسرة الواحدة فردا منهم لأنه لا يهتم بنظافة يده وبدنه، ولماذا أسمح حتى لولدي الصغير أن يشاركني صحن الطعام وأنا أعرف أن يده تبقى محشورة في منخاره ثلاث ساعات يوميا على أقل تقدير؟ نحن نجامل كثيرا في أمـور صحتنا وسلامتنا.. مثلا يعتبر الأقـارب أنه من "العيب" الانقطاع عن زيارة قريب ما لأن في بيته شخصا يعاني مصابة بالحصبة أو الجدري المائي، فتقول إن أختها ستغضب لو لم ٍ من مرض معد، تقول لزوجتك لا تأخذي العيال إلى بيت أختك لأن بنتها نصطحب عيالنا معنا.. تقول لها: إذاً من الأسلم أن نمتنع نحن أيضا عن زيارتها لأننا قد ننقل العدوى إلى عيالنا.. فيأخذ الحوار منحى آخر: أنت أصلا لا تحب أهلي. وعندما أقول إنني من أنصار استخدام كل فرد في العائلة لطبق طعام خاص به فليس معنى هذا إنني "اعتبر نفسي خواجة"، بالعكس نشأت على مشاركة الآخـريـن الطعام مـن نفس الصحن/ الطبق، والـى يومنا هذا لا استطيع أن آكل وجبة وأنا جالس إلى المائدة بمفردي، ولكن من مصلحة أفراد أسرتي وأسرتك الصحية أن ينفرد كل واحد بطبقه على أن يبقى الجميع جالسين حـول نفس المـائـدة (دعــك طبعا مـن الفوائد الاقتصادية للأكل من طبق خـاص لأن كل فـرد يغرف قـدر طاقة بطنه بينما الأكل في طبق مشترك يعني التخلص مما يتبقى من طعام لأنه حتى هيفاء وهبي التي لم تطبخ شيئا طوال سبع وعشرين سنة تعرف أن الطعام يفسد بسرعة أكبر إذا لامسته الأيدي). والشاهد يا أعزائي هو أن غسل اليد بانتظام، حتى في غياب الأوبئة، فيه احترام للذات واحترام للآخرين خاصة إذا كنت ممن يخرجون القدم من الحذاء لتدليكه بالأصابع أو تهرش فروة رأسك، لأن القشرة تسبب لـك أكـلانـا مـسـتـمـرا.. أمـا إذا كنت لا تـقـدر على غسل يـديـك بعد الأكـل واستخدام الحمام، فكن خواجة وتبادل التحية مع الناس بطريقة هاي وباي، من بعيد لبعيد.