11 سبتمبر 2025

تسجيل

خطوة أولى لتحقيق المصالحات العربية

31 مارس 2014

"كانت قمة ناجحة بكل المقاييس" بهذا الوصف أعطى الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية توصيفه للقمة العربية الخامسة والعشرين التي عقدت بالكويت يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين. وحسب معرفتي بخصائصه الشخصية والتي تنزع دوما إلى انتهاج الموضوعية والشفافية في الحكم على الأمور وذلك بحكم تخصصه في القانون وبالذات القانون الدولي وعمله لفترة قاضيا بمحكمة العدل الدولية فالمرء لا يمكنه أن يشكك في هذا التوصيف لاسيَّما أنني كنت مع غيري من عشرات الإعلاميين والصحفيين – شاهدا على صدقية هذا التوصيف. صحيح أن سقف التوقعات من قمة الكويت كان مرتفعا خاصة على صعيد إتمام المصالحات العربية في ظل سلسلة من التصريحات التي ركزت على أنها– أي القمة – سوف تلعب دورا بقيادة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بتنقية الأجواء العربية المتوترة والمحتقنة في ضوء ما بدا من خلافات وانفجار أزمات في الأشهر الأخيرة لعل أبرزها أزمة قطر مع كل من السعودية والإمارات والبحرين على خلفية سحب سفرائهم من الدوحة فضلا عن الأزمة بين مصر وقطر والأزمة بين السعودية والعراق.وهو ما جعلني أوجه سؤالا صريحا للنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح حول ما تحقق في القمة على صعيد المصالحات العربية في ظل تفاقم الخلافات بين بعض الدول وهو ما كان موضع قلق وحزن عبر عنه أمير الكويت رئيس القمة في الكلمة التي ألقاها في جلستها الافتتاحية فجاءت إجابته مؤكدة على ما يلي:*إن أهم ما تحقق على هذا الصعيد هو توفير أرضية مشتركة فيما بين الدول العربية لمواجهة مختلف التحديات والخلافات والمخاطر التي تواجهها في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة بما يسهم في تحقيق تطلعات الشعوب العربية. * إن كل خطابات القادة في القمة - بما في ذلك خطاب أمير الكويت في افتتاح القمة -اتسمت بالمصارحة والوضوح فيما يتعلق بالخلافات التي طرأت على بعض الدول العربية في الآونة الأخيرة وقال إنهم ركزوا على ضرورة مواجهتها والحد منها وهو ما تم الاتفاق عليه خلال اللقاءات المكثفة التي جرت فيما بينهم على مدى أيام القمة حرصا منهم على استثمار وجودهم في إطار القمة للعمل على تجاوز كل هذه التحديات ومعالجة الخلافات والمشكلات والخلافات بعد أن تم مناقشتها بصراحة سواء في الجلسات المغلقة أو اللقاءات الثنائية التي جمعت بينهم خاصة أنها تنطوي بالضرورة على تداعيات سلبية على النظام الإقليمي العربي.*إن القادة أبدوا إصرارا عربيا حقيقيا على تخطي الصعوبات وتجاوز التحديات التي تواجه المنطقة العربية وفي الوقت نفسه حرصا على تعزيز منظومة العمل العربي المشترك على نحو يعزز التضامن العربي وهو الشعار الذي أطلق على قمة الكويت.ووفق دبلوماسيين فإن أمير الكويت والذي يرأس القمتين العربية والخليجية في دورتهما الحالية سيتحرك وفقا لخارطة طريق تم التوافق عليها في اجتماعات مغلقة مع بعض القادة والمسؤولين العرب ستقود إلى تفاهمات وإيجاد آليات أكثر ديناميكية وتتجاوز ما كان يطبق في السنوات الأخيرة لتنقية الأجواء وتحقيق المصالحة بين أطراف الأزمات الراهنة عبر الاستمرار في الحوار بين العواصم الضالعة في هذه الأزمات أو الدعوة إلى عقد قمم مصغرة أو استثنائية للدفع باتجاه المصالحات التي رؤى أن التعاطي معها في قمة الكويت كان من شأنه أن يدفع إلى المزيد من الاحتقان في العلاقات العربية العربية لاسيَّما أن كل أطراف الأزمات جاء إلى القمة حاملا مواقفه دون أن يبدي أي نزوع إلى تغييرها على الأقل في الوقت الراهن.ولم يكن الدكتور نبيل العربي بمنأى عن هذا الملف فقد لعب دورا في الدفع باتجاه فتح أوراقه صفحاته وكان هو أول من أعلن قبل أكثر من شهر عن حرص القمة على تنقية الأجواء لاسيَّما بعد أن اجتمع مع الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت في زيارته على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لوضع الترتيبات والاستعدادات الخاصة بالتحضير لها ولكنه يدرك أن إحداث اختراق حقيقي للأزمات الراهنة لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها وهو ما أكده في المؤتمر الصحفي المشترك مع الشيخ صباح الخالد الصباح عقب اختتام القمة مقدرا الجهود الجبارة التي قام وسيقوم بها أمير الكويت في هذا الاتجاه. وشكلت أزمة المقعد السوري في القمة وفي الجامعة العربية واحدة من تجليات تباين المواقف العربية في قمة الكويت ووفقا لمتابعتي فقد شهدت نقاشات واسعة وتناقضات حادة وبالذات خلال الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية يوم الأحد قبل الماضي ولم يتمكن الاجتماع من بلورة قرار نهائي بشأنها ويمكن القول إنه استسلم إن جاز التعبير لما تم التوافق عليه بالقاهرة بأن يظل مقعد سوريا شاغرا في القمة على أن يسمح لرئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بإلقاء كلمة في الجلسة الافتتاحية على أن يكون جلوسه ضمن المقاعد المخصصة لضيوف القمة سواء من خارج الإقليم العربي أومن خارجه وكانت هناك ثلاث دول - العراق والجزائر ولبنان – الأكثر رفضا لمنح الائتلاف المقعد بينما أبدت مصر تحفظا اتساقا مع ميثاق الجامعة العربية الذي يتطلب شروطا تقنية لمن ينضم إلى الجامعة أهمها وجود أرض وسيادة وشعب وهو ما اتفق فيه الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية.ومع هذا المكسب للمعارضة السورية فإنها لم تحصل على ما كانت تتطلع إليه بشكل أساسي ويتمثل في تزويدها بالأسلحة والعتاد العسكري لتحقق التوازن على الأرض مع النظام حتى يتجاوب مع طروحات الحل السياسي وقد سألت أحمد الجربا رئيس الائتلاف حول تقييمه للمواقف العربية وعما إذا كانت قد تراجعت في دعمها للثوار والمعارضة السورية سواء لوجستيا أو إنسانيا وبالذات على صعيد تزويدها بالأٍسلحة النوعية فلفت إلى أن الدعم العربي كان في بدايته محدودا مقرا بتراجع هذا الدعم في المرحلة الراهنة موضحا أن استمرار المعارضة والثوار حتى الآن وتحقيق تحولات نوعية في الآونة الأخيرة يعكس روح الشعب السوري وإصراره على التحرر من نظام استمر عقودا طويلة في استغلاله وقهره وقمعه وهو ما يؤكد أن هذا الشعب حسم أمره ولن يقبل بنظام فاسد ومستبد رغم كل التضحيات.