14 سبتمبر 2025

تسجيل

غباء "شارلي إيبدو" مع المسلمين

31 يناير 2015

الحادثة الإرهابية في الصحيفة الفرنسية تضرب عميقا في فكرة حرية التعبير، وفي ذات الوقت في الحدود الفاصلة بين تلك الحرية وحزمة أخلاقيات وأوصاف سلبية تبدأ من الاحتقار والإهانة والغباء والاستفزاز واحترام الآخر، فالصحيفة وضعت نفسها في زاوية أخلاقية ضيقة كانت كفيلة باستفزاز المشاعر دون جدوى حقيقية لذلك، ولا يتصور أن تظل حرية التعبير بمثابة حصان طروادة لتفريغ شحنات الإهانات الشخصية والعقدية، لأن هناك موضوعات كثيرة أهم بكثير من استفزاز دين بعينه أو أتباعه بصورة مبتذلة، فهؤلاء، على سبيل المثال، لا يجرؤون على تصوير اليهود بأي صورة تماثلهم بالقردة والخنازير والغاصبين والميكيافليين، لأن الأمر ببساطة يعرضهم لمعاداة السامية، وهنا تتوقف فكرة حرية التعبير.من بين كل الصحف الغربية التي تناولت الواقعة برزت صحيفة واحدة تناولت القضية بموضوعية كلفتها هجمة نقدية عارمة، وهي صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، وفيها وصف الكاتب توني باربر الصحف التي تنشر الصور المسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مثل شارلي إيبدو وصحيفة إيلاند بوستن الدانماركية بأنها "غبية".وكتب باربر "حسبنا القول إن بعضا من المنطق السليم سيكون مجديا لصحف مثل شارلي إيبدو وإيلاند بوستن الدانماركية التي ينم محتواها عن توجيه ضربة للحرية عندما تستفز المسلمين، لكنها في حقيقة الأمر غبية تماما"، ومع ذلك سحبت الصحيفة ثلاث فقرات من المقال من بينها هذا الوصف، ولم يتردد الكاتب في تعزيز وصفه للصحيفة من واقع سجلها الاستفزازي والعدائي للمسلمين، إذ كتب "قبل عامين نشرت كتابا من 65 صفحة يحوي رسوما كاريكاتيرية ساخرة عن حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)".هناك مساحات واسعة لا تجرؤ أفكار حرية التعبير التي يتشدّق بها الغربيون على الدخول فيها من واقع سياساتهم الأمنية والعسكرية والسياسية، وهذه الحرية لم تعد موجودة في الواقع، لأنه يمكن توجيه وسائل الإعلام بعدم الكتابة في موضوعات بعينها بحجة الأمن القومي أو معاداة السامية، ولذلك يبدو من المعيب أن يتم النشر وفقا لحرية التعبير في موضوعات مسيئة للإسلام والمسلمين وعقيدتهم لمجرد التندّر والضحك دون مراعاة لمشاعرهم ومقدساتهم.نرفض تماما بالتأكيد أن يتم رد الفعل على النحو الذي جرى عليه، ولكن في النفس غصة من ازدواجية المعايير الإعلامية والأخلاقية لدى المؤسسات الغربية، فما الذي يضيرهم في أن يتعاملوا مع المقدسات الإسلامية بذات تعاملهم مع معاداة السامية ويكفوا أذاهم عن الإسلام والمسلمين؟ مجرد سؤال.