13 سبتمبر 2025
تسجيللاشك أن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها بعض بلادنا العربية.. قد تركت تأثيرا من الناحية السينمائية.. لذا نجد أن الإنتاج السينمائي قل في تلك الدول خاصة أنها معنية بالسينما مثل مصر وسوريا وتونس والعراق ولبنان.. وأساس المشكلة في التمويل وخوف رأس المال تجاه الإنتاج في مواجهة هذه الظروف.. ولذا يسعد الناقد والمهتم السينمائي والمتابع لها بظهور فيلم جديد خاصة إذا كان جيد الصنع متميز الفكر.. من الأفلام التي خرجت إلى الوجود مؤخرا فيلم "فيلا 69" الذي نال جائزة وشارك في مهرجان أبو ظبي السينمائي في دورته الأخيرة.أحداث الفيلم بسيطة وعميقة في الوقت نفسه تهز المشاعر الإنسانية وتلعب على هذا الوتر.. فنحن أمام "حسين" المصمم المعماري والذي يجسد دوره خالد أبو النجا القابع في الفيلا التي يعيش فيها ويحس بالسأم والوحدة بعد أن عاش تجارب حياتية كثيرة فضل العزلة عن العالم واعتبر أن الوحدة هي سبيله لذكريات جميلة لا تختلف حياته أو تتغير إلا حينما تزوره شقيقـته "نادرة" وبصحبتها حفيدها لتقيم معه في الفيلا.. فتلاحظ تصرفات شقيقها "حسين" المنزوي وسلوكياته التي تدعو للتعجب فتحاول ومعها حفيدها أن تخرجه من عزلته.. ومن خلال سلوكيات ذلك المعماري نرى التناقض الذي يمكن أن يعيشه الإنسان الذي يحاول أن ينزوي تماما عن العالم المحيط به.. إن حسين يسترجع الذكريات والمواقف وحيلته السابقة ويحاول أن يغلق بابه على تلك الذكريات.. وما إن يدخل "سيف" حفيد شقيقته إلى حياة " حسين ".. شيئا فشيئا تحدث تغيرات كثيرة ملموسة في حياته التي كان يرفضها من قبل.. ويتواصل مرة أخرى مع الحياة المحيطة بفضل الحفيد فيحاول أن يجمع بين ماضيه وحاضره حتى أنه لم يعد يستسلم لفكرة الموت الذي كان يترقبه. فيلا "69" فيلم متميز يناقش المشاعر الإنسانية وإلى أي حد يمكنها أن تسعد الإنسان أو تجعله يائسا منعزلا.. إنها حدوتة درامية اقتربت من مشاعر مشاهديها وأكدت بها المخرجة الجديدة أيتن أمين أن الهموم الإنسانية للبشر مازالت لها وجود سينمائي.. وأن لها أيضا مكانا على الشاشة!آخر السطور: الدور الذي جسده خالد أبو النجا في هذا الفيلم كان حقا مغامرة صعبة في تاريخه الفني.. والأجمل من ذلك في رأيي أن أبو النجا دائما ينجح في اختياراته السينمائية ولا يلتفت إلى الوراء أبداً.