19 سبتمبر 2025

تسجيل

مصر تغيب عن خطاب حالة الاتحاد

31 يناير 2014

يحظى خطاب حالة الاتحاد الذي يلقيه الرئيس الأمريكي عادة في بداية شهر يناير من كل عام باهتمام وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية، لأن الرئيس الأمريكي يتناول فيه موقف إدارته من القضايا الهامة محليا وعالميا. وهذا ما حدث مع الخطاب الذي ألقاه باراك أوباما منذ أيام، وذلك بالنظر إلى الظروف التي يمر بها العالم خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تمر بزلزال تاريخي مع اندلاع ثورات الربيع العربي منذ ثلاث سنوات وما زالت توابعه مستمرة حتى الآن، خاصة في سوريا ومصر التي انتكست فيها التجربة الديمقراطية التي أنتجتها الثورة بعد الانقلاب العسكري عليها في يوليو من العام الماضي. ورغم الدور الأمريكي الواضح في الترتيب لهذا الانقلاب وتأييده بشكل كامل بعد وقوعه، إلا أن خطاب حالة الاتحاد لم يتناول هذه التطورات، وهو الأمر اللافت حيث كانت مصر تدخل في إطار القضايا الهامة التي يتناولها خطاب الاتحاد خاصة في السنتين الأخيرتين. ففي خطاب العام الماضي، أبدى أوباما اعتراضه على المسيرة الديمقراطية التي كان يقودها الإخوان المسلمين خاصة بعد إقرار دستور 2012، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لا تشعر بالسعادة التامة لمسار تطبيق الديمقراطية ووتيرة الإصلاحات الدستورية، قائلا "ليس بوسعنا الافتراض أن لدينا القدرة على إملاء طبيعة مسار التغيير المطلوب في دول مثل مصر، بل لدينا القدرة – والعزم – للمطالبة بإصرار على ضرورة احترام الحريات الأساسية لكافة أفراد الشعب." مضيفا أنه ليس لديه النية لاتخاذ أية مبادرات في مجال السياسة الخارجية ترمي لحث أو معاقبة مصر. أما في خطاب هذا العام، فبرغم أنه تطرق إلى معظم الملفات الشرق أوسطية باستفاضة أحيانا وباختصار أحيانا، فإن أوباما تجنب ذكر مصر ولم يقدم رؤيته حول التطورات فيها، كما تجنب الحديث عن موضوع المساعدات العسكرية لمصر التي تم تعليق جزء منها بعد الانقلاب العسكري.ويأتي هذا الموقف الأمريكي في ظل حالة الغموض التي يعيشها المشروع الانقلابي بعد الصمود الكبير لرافضي الانقلاب ومؤيدي عودة الشرعية الدستورية ممثلة في الرئيس مرسي والبرلمان المنتخب والدستور المستفتى عليه. وتخشى الإدارة الأمريكية من الآثار الضارة على مصالحها في مصر والشرق الأوسط في حال إعلان تأييدها بشكل مباشر لهذا الإنقلاب الذي يعاني بشدة.خاصة وأن الإدارة الأمريكية جربت محاولة الاعتراف العلني بالانقلاب خلال خطاب الرئيس الأمريكي في سبتمبر من العام الماضي أمام اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة حينما أكد أوباما على ضرورة تقديم الدعم لحكومة الانقلاب، داعيا إلى ضرورة النظر إلى المستقبل لبناء نظام ديمقراطي حقيقي بدلا من الالتفات للماضي. لكن هذا الموقف واجه انتقادات واسعة من القوى السياسية الرافضة للانقلاب التي عدته اعترافا علنيا للولايات المتحدة بدورها في الانقلاب على الشرعية في مصر.ولذا ليس أمام الولايات المتحدة الآن سوى الاستمرار في سياستها القاضية بدعم الانقلاب سرا خشية سقوطه مع استمرار تجاهل الإعلان عن هذا الدعم حتى يتمكن الانقلابيون من القضاء على معارضيهم وتثبيت أركان حكمهم. وهو أمر بات صعبا إن لم يكن مستحيلا كما أشرنا، لأن رافضي الانقلاب أصبحوا ينظرون إلى الصراع الدائر الآن في مصر على أنه صراع صفري لأنه يمس الهوية الدينية لمصر قبل شرعيتها الدستورية. ولذلك فهم ماضون في طريقهم لدحر الانقلاب حتى النهاية التي يبدو أنها اقتربت بشدة في ظل تراجع داعمي الانقلاب حتى في المؤسسات الأمنية ومنها الجيش الذي يتوقع أن يواجه انشقاقا مع استمرار آلة القتل التي يستخدمها الانقلابيون ضد المصريين.أحمد فوده