15 سبتمبر 2025
تسجيلسوريا إلى مجلس الأمن.. هكذا ينتهي الحال بالحكومات (المتمردة)، التي تجد مصيرها اليوم بين سندان (الشعب)، ومطرقة (العالم الخارجي)، الذي يبحث عن الزلة ليجعل من هذه الحكومات نسياً منسياً!.. دعونا نتجاوز سوريا ونبحث عن سر الشرارات التي تطايرت هنا وهناك فحطت في دول فاستحالت ناراً صغيرة سرعان ما خمدها أصحاب الأرض وسقطت في أخرى فصارت براكين عجز من كان على أن يهل عليها التراب فتنطفي!.. سر ما قيل عنها ويقال إنها (ثورات) أسقطت الكراسي ولم تسقط الحواشي فكان الفرح بعدها يوماً والحزن أياماً!. تونس.. أحرق (البوعزيزي) نفسه نقماً من الحياة وانتقاماً من الفقر فهاج الشعب وقرر تغيير مصيره ورئيسه وهكذا كان.. فر (شين العابدين) ووجد من يؤويه ويؤوي عائلته و.. عاش! بينما البلد لا يزال حتى هذه اللحظة في صراع تشكيل الحكومة المنتخبة وقد آلت بحصتها الوفيرة إلى حضن الإسلاميين وبقيت الأرض وباتت في حالة عدم استقرار جعلت من البعض يسأل (هل كانت ثورة)؟! مصر.. وآه ما أطول ليلك يا مصر!..عام منذ أن أسقط شبابكِ الكراسي ولم يستطع حتى هذه الدقيقة من التخلص من البقايا الذين كانوا وحتى فرار مبارك إلى شرم الشيخ من المقربين له وأصبحوا بعده حكاماً للبلد!.. مازال ميدان التحرير يضج بالأقدام المحتجة والأصوات المستنكرة والأجساد المستلقية بنية لا خروج ولا رحيل إلا بتحقيق مطالب الثورة!..عام كامل ومبارك بعد تنحيته قسراً عن سدة الحكم يزور المحكمة التي من المفترض أنها ستنزل به أشد العقوبات وصل أحلام البعض فيها إلى الحكم بالإعدام في ميدان التحرير الذي كان حاضراً لأول معول حفر به المصريون قبر مبارك الذي يبدو إنه يحتاج إلى جهد أكبر ليليق بما فعله في حق المتظاهرين وهذه آخر جرائمه في حساب يطول كثيراً لتاريخ هذا الرجل الذي ينفي على الدوام أي شائنة في حقه واليوم وبعد مضي 365 يوماً على استنساخ الثورة في مصر فهي لاتزال تغلي على أتون ملتهب ولا يزال الميدان (مضافة) لمن يفتقر المأوى والهدف بل إن الكثير منهم لا يزال يطالب بإسقاط مبارك في دليل واضح على أن زبانية الحاكم هي التي تحكم البلاد وتسعى إلى تبرئته وهذا ما أكده صراحة رئيس المجلس العسكري الحاكم (طنطاوي) في شهادته أمام المحكمة العليا إن من قتل المتظاهرين كانوا أصحاب القرار في إطلاق الزناد وإن مبارك لم تفلت أعصابه ويصرخ بهم (اقتلوهم..احرقوهم..اخربوا بيوتهم على اللي جابوهم)!..وهذه حدوتة مصر باختصار بعد التي لاتزال تسمى بالثورة وتتحول مع الوقت إلى (لعب عيال) المؤسف فيه هو إن هناك من يموت لأجله! ليبيا.. عاش القذافي 42 عاماً.. قاتل شهوراً قليلة.. ومات مقتولاً في حفرة للصرف الصحي عارياً مجروحاً مهاناً وفي ساعة كانت صوره المشوهة منتشرة ولتتحول الثورة إلى (ثوارة) يقوم بها الذين تناسوا الأهداف التي قامت عليها ثورتهم ولايزالون على الحال نفسه الذي أحال ربيعهم خريفاً!. اليمن.. هذا البلد الوحيد الذي لم يكن لتقوم فيه ثورة مقننة لأن بدايتها كانت تقليداً أعمى لثورتي مصر وتونس واستمرت فوضى وانتهت بلقاء معارضة وحكومة وتشكيل مجلس وفاق وطني وانتخابات مبكرة ومغادرة الرئيس إلى الولايات المتحدة الأمريكية متمتعاً بحصانة كاملة من أي ملاحقات قضائية أو قانونية بل ومنحته واشنطن الحصانة الدبلوماسية لحين مغادرته أراضيها التي قدم إليها للعلاج والعودة على بلاده كرئيس لحزب المؤتمر العام.. عفواً أين الثورة في كل ما حدث؟!.. سوريا.. وأنتهي بما بدأت به مقالي حيث يكون مصير من يتمرد ولكن بفارق واحد وهو إن كنت قد تفاوت إحساسي ما بين الرضا والرفض في مسألة التدخل العسكري الجارف الذي اقتلع الأخضر واليابس في ليبيا فإن موقفي اليوم تجاه سوريا أجده ثابتاً وهو لا تفعلوا بسوريا ما يجعلنا نخسر أمة بأسرها..لا تجعلوا أعيننا تذرف دماً وهي النازفة دمعاً حتى هذه اللحظة.. لا تفعلوها بربكم.. فإن كان بشار ونظامه يستحقون القتل فإن الشعب السوري يستحق الحياة ويكفيه ما يلاقيه الآن ولتبحثوا عن أي حلول يمكنها أن تنقذ السوريين من عنق هذا العذاب الذي يفقدهم الكثير من الأحبة.. بربكم إلا قتلهم وقتالهم! أيها الربيع العربي.. قل لي متى تزهر ثمارك وكيف تنضج إن كان سقياك دم أبرياء حلموا بالحرية فسكنوا اللحود؟!.. أيها الربيع كيف شكلك الذي نسمع به ولا نراه.. نتخيله ولا نحدد له ملامح تذكر؟!.. متى تأتي إن كان الجميع يستبيحون لأنفسهم ما يفعلونه والذريعة أنت؟!.. أيها الغائب الحاضر إن أتيت فلا تأتي على الأطلال فما الأخيرة سوى أغنية وعصر جاهلي وإن كنت ستختفي فافعلها الآن ودعنا نرمم إن كان بالفعل ما يسمى بعمليات التجميل هو ترميم بالفعل! فاصلة أخيرة: أعيدوا لي وطني العربي الكبير.. عربياً كبيراً!