15 سبتمبر 2025

تسجيل

أوقفوا هذه الداعية

31 يناير 2011

مازالت أصداء المقال الذي تناولته في الأسبوع قبل الماضي تتفاعل، الذي كان بعنوان "علامات الساعة في المدارس" وتناولت فيه حالة مرضية جراء محاضرة لإحدى الداعيات أعطيت منذ أكثر من سنتين تسببت في مراجعة فتاة صغيرة في السن لقسم الطب النفسي حتى هذا الوقت ومازالت تعاني، واستقبلت في الأسبوع الماضي ردود أفعال كثيرة تم نشر بعضها في الصفحة. ولقد تبين لي أن تلك الحالة لم تكن الوحيدة وعلى نفس المحاضرة ويشتكون من نفس الداعية للأسف، وقد حادثتني إحدى الأمهات تقول إن حالة ابنتها مشابهة لتلك الحالة التي كتبت عنها وتلقت محاضرة بنفس المضمون وهو العذاب وعلامات الساعة والموت والقبر مع ما يصاحبه من مؤتمرات بصرية وسمعية وتجربة عملية للموت والكفن..... إلخ. في حضور طالبات في عمر الزهور مما يتولد لديهن خوف وذهول، خاصة إذا استعملت الداعية الصراخ لتوصيل المعلومة ولتحفرها في أذهان الطالبات. ومن ثم جاءني اتصال من الفتاة المريضة نفسها وقالت لي كل القصة وما تعرضت له وما تخافه الآن وترجع السبب كله إلى المحاضرة وتقول إنها الآن في مدرسة ثانوية وكل ما تخشاه أن تأتي إليهم تلك الداعية وإنها لو حضرت المحاضرة سيغمى عليها وتفضل ألا تذهب للمدرسة لأنها كما تقول تسمع أن هناك احتمال حضور الداعية إلى مدرستهم. وقد حاورتها ووجدت أن لديها استعداداً بأن تتأقلم مع الحياة وأن لديها أسلوبا جميلا وراقيا في التعبير رغم صغر سنها وأنها الآن تتعالج مع أحد الدكاترة النفسانيين وتتمنى أن يمن الله عليها بالشفاء العاجل ونحن ندعو لها بذلك. ثم كان لي تواصل أكبر لتغطية الموضوع من كل جوانبه مع الدكتورة المعالجة لهذه الفتاة واستمعت منها أن السبب الرئيسي لحالة هذه الفتاة هو المحاضرة السابقة وأن الفتاة تتعرض لحالات إغماء وتكره الذهاب للمدرسة وأمور نفسية أخرى مما قد يؤثر على صحتها وأفادت الدكتورة بأن لديها أربع حالات لنفس السبب السابق. وإليكم بعض ما كتبت الفتاة بخط يدها عن تلك المحاضرة. "وأنا في صف ثاني اعدادي عطونا محاضرة.. وقبلها كانوا معطين المحاضرة بنات أول ثانوي وكانوا يقولون تخرع.. كنا مستأنسين عبالنه نفس كل محاضرة كان اللي تعطينا المحاضرة جايبه معها تمثال وقطعة بيضاء وفيديو وتحط ناس يصيحون.. وكانت تحط التمثال وتعلمنه طريقة تكفين الميت وعذاب القبر وتتكلم عن يوم القيامة وأن علامات الساعة قربت وبعدكم يوم يانا هوى وربطت سالفة المحاضرة فيها ومن كثر خوفي أغمي عليّ وبعدها بفترة بعد جابوها والمحاضرة مكثفة أكثر.. وأكيد بنات أغمى عليهن في المحاضرة وبعد المحاضرة....". انتهت الرسالة. يتضح لنا الخوف الشديد للطالبة وكذلك زميلاتها وإصرار المدرسة على تكرار تلك المحاضرة وما سبقها من استعداد نفسي للطالبات مما سمعوه من طالبات الصفوف الأعلى، لا أريد أن أدخل في تفاصيل إضافية فقد كتبت كل ذلك في المقال قبل السابق وأوضحنا في العدد السابق من الدار الردود والمشاكل المشابهة، وذلك كان قبل أكثر من سنتين. ومازالت هذه الداعية حتى الآن تعطي المحاضرات وقد علمت أن نشاطها يتركز في المدارس الشمالية المحاذية للدوحة. وماذا بعد؟! ألا يكفي وجود أكثر من حالة مرضية لسبب واحد وهو الترهيب والتخويف في تلقين فلذات أكبادنا الطريقة الخاطئة لمعرفة دينهم الإسلامي الحنيف؟ ألا يكفي أن تقول لنا فتاة في ريعان شبابها أنها تحب المدرسة ولكنها تخشى حضور تلك الداعية للمدرسة؟! وأنها قد تسقط ويغمى عليها؟!! هل هذا هو الأسلوب الأمثل للتشجيع على حب الدراسة وحب الدين والترغيب فيه؟! أن يصل للخوف حتى من اسم الداعية. هل يعقل أن نوصل معلومة وتخوف أجيالاً بأمراض نفسية؟! إنني أرجو من جميع مدارسنا أن يهتموا بما يفيد الطلبة وأن يراعوا الآثار النفسية التي يمكن تنتج سوءا بسبب داع أو معلم أو غيره مما قد يحطم نفوس الكثير من أبنائنا وبناتنا في المستقبل. ولا نريد ما يتردد لدى البعض أن هناك ما يسمى بـ"البويات" في المدارس فيجب أن نستعمل هذا الأسلوب حتى يرتدع الجميع. فإذا كان هناك ما يقولون إنه بويات أو غيره فكم النسبة "1" أو "2" أو حتى 10% فلا يعني بأننا نسمح بالترهيب والتخويف وظهور الأمراض النفسية وغيرها، فكيف يمكن أن نصلح الخطأ بالخطأ؟!. ما نرجوه أن تكون هناك وقفة واضحة وصارمة من قبل المختصين عن التعليم وعن الدعوة في دولتنا الحبيبة ونراعي مثل تلك الأحاسيس الصغيرة في شبابنا وفتياتنا عماد المستقبل لا أن نتركهم عرضة للأمراض أو الانحراف المضادة للدين. لا بأس بالترهيب بشرط أن يسبقه الترغيب وأن يراعي لمن يعطي، وإنني متأكد من أن مثل تلك الداعية وغيرها جزاهم الله خيرا كان هدفهم الحرص على اتباع الدين والبعد عن المعاصي ولكن لتحقيق ذلك الهدف لم يراع الاسلوب المحبب، و"الفئة العمرية" فأتمنى من أختنا الفاضلة الداعية المعروفة أن تبتعد عن إعطاء مثل تلك المحاضرات إلى المدارس ولها الحرية في أبعد من ذلك هي وغيرها من الدعاة ان كان في أسلوبهم تخويف شديد أو ترهيب له دلالات وآثار عكسية.