25 سبتمبر 2025

تسجيل

مونديال قطر الأفضل في التاريخ

30 ديسمبر 2022

سلطت (بي بي سي سبورت) الضوء على كل نهائيات كأس العالم في هذا القرن الحادي والعشرين والقرن العشرين وخلصت القناة البريطانية والتي قامت باستطلاع رأي أوروبي كانت نتيجته: «قطر 2022 كانت أفضل نسخة مونديالات القرنين» وشهد القرن الواحد والعشرون تنظيم البطولة في اليابان وكوريا الجنوبية في 2002، ألمانيا 2006، جنوب أفريقيا 2010، البرازيل 2014، روسيا 2018، وقطر 2022 وبلغت نسبة تصويت المشاركين لقطر 78%، يليه مونديال اليابان وكوريا بنسبة 6%، ثم مونديال البرازيل بـ5%، ومونديال روسيا 4%، ثم مونديال ألمانيا 4%، وأخيرا مونديال جنوب أفريقيا بـ3 % وفي هذا السجل كتب الإعلامي علي شيخون: «نجحت دولة قطر في تنظيم كأس العالم بصورة أبهرت الأعداء قبل الأصدقاء، وغيّرت الصورة الذهنية السلبية عن العرب والمسلمين، وأزالت بالممحاة ما دبره الحاقدون من الغرب والشرق لإفشالها كما نجحت قطر في تعريف ضيوفها بقيمها العربية والإسلامية، رغم الصورة الذهنية السلبية عنا فنجحت قطر في فرض مبادئها العربية والإسلامية بمنع المحرمات التي تضر بالإنسان، رغم صعوبة التحدي الذي يصل إلى حد الاستحالة.. ونجحت المنتخبات العربية والجماهير العربية في فرض حضور فلسطين في الحدث الرياضي، بصورة أصابت الصهاينة العنصريين بالإحباط واليأس من التواصل مع الشعوب العربية والإسلامية، ثم نجح منتخب المغرب في الوصول لنقطة بعيدة في الحدث، يعتبرها البعض حلما صعب المنال للعرب والمسلمين.. لكنه تحقق كما نجح منتخب السعودية في الفوز على الفائز بالحدث.. ونجح منتخب تونس في الفوز على وصيف البطل..ونجحت منتخبات ليس لها تاريخ في كرة القدم في إحراج كبار القوم فيها ونجحت منتخبات في تغيير النتائج من 2 - صفر أو 3 - صفر إلى تعادل أو فوز! لاعب واحد بمهاراته المتميزة جذب أنظار العالم كله، وأظنه أشهر من في الكرة الأرضية الآن، وأظنه يمثل قدوة لكثير من فتيان وشباب العالم وتبقى الصورة الأجمل، هي صورة القيم العربية والإسلامية (اللاعبون وآباؤهم وأمهاتهم) ونجح استثمار الحدث في آخر لقطاته (البشت العربي على كتفي قائد الفريق الفائز)، ليظل في ذاكرة العالم كله، أن الحدث الرياضي الأشهر في العالم قد تم على أرض عربية وبنجاح فائق ومنقطع النظير. واستمع العالم الى لغة الخطاب من صاحب السمو الأمير في الافتتاح ولغة الجسد له في الختام وطلاته بسعادة عند مشاهدته انتصارات الفرق العربية، تنبئ عن قائد واع ومدرك لما يفعل محب لأشقائه وفخور بإنجازاتهم كما انتصر التضامن العربي الواسع من الشعوب مع الفرق العربية خلال الحدث ومع فريق المغرب في صولاته وجولاته وهو ما يدعو للسعادة والاطمئنان أنه مهما كان بين الأنظمة العربية من خلافات مهما كان عمقها فلن يؤثر ذلك على علاقات الأخوة بين الشعوب. وبعد أن راحت سكرة المونديال، قضينا شهراً كاملاً سكارى وما نحن بسكارى، وليس كل المسكرات الحلال تؤخذ عن طريق الفم، فمنها ما يؤخذ عن طريق الأنف ومنها ما يؤخذ عن طريقي البصر والسمع. ويعلم من ضمّ مجلسنا، ومن غاب عنه أيضا، قصة العباءة التي ارتداها ميسي وتمريرات المضائق الرياضية، والشرر المتطاير عنها في فضائيات أوروبا، خاصة منها الألمانية، التي اجتمع فيها ضيوف أجمعوا أنَّ ميسي «إله» لا يجوز العبث به، وأنها محاولة لطمس هويته، وإخفاء قميص فريقه مع أن العباءة العربية شفافة، لا تحجب الثياب التي دونها، وأنّ الأرجنتينيين الأفاضل سعدوا بالأمر، فهم قوم ليس لهم سوابق استعمارية مثل الدول الأوروبية التي نكّلت بدول العالم الفقيرة. وقيل إن كثيراً من الأرجنتينيين اشتروا العباءة العربية، بل إن رسامين ظرفاء رسموا بطلهم بالغترة والعقال. وكلُّ الأمر أنَّ ميسي ارتدى العباءة لدقائق، ورقص بها رقصة الكأس فثارت ثائرة العالم، وظنَّ الغرب الأوروبي أن العرب يسرقون ابنهم، وظن آخرون أن ارتداء ميسي للعباءة داخل في شأن التجارة والأعمال، وربما تذكر بعضهم قصيدة مسكين الدارمي (قل للمليحة في الخمار الأسود ماذا فعلت بناسك متعبد) وأوردت الصحيفة الإلكترونية (عربي 21) تحليلا في نفس السياق بقلم أحد الزملاء من كتابها جاء فيه خاصة أن الإعلام العالمي انشغل بصورة ميسي وهو نائم يحتضن كأس العالم، وليس أمه أو أطفاله، وخبر عرضه نعله الرياضي للبيع، فبيع بثمن مقداره 119 مليون دولار! وبأخبار أخرى مثل معانقة سيدة له، وحسدوها حسداً شديداً، فمن تكون السيدة التي حظيت بعناق الرجل المبارك، إمام الكرة العالمية، وسيّد الملاعب، وقيل إنها أمه. وأتذكر أني قرأت للمفكر المصري المعروف عبد الرحمن بدوي في مذكراته، ذكراً لكتابٍ كتبه المؤرخ السويسري (يوهان هوزينجا) صاحب كتاب (اضمحلال العصور الوسطى)، اسمه «الإنسان اللاعب»، صدر سنة 1938، وهو غير مترجم للعربية للأسف، وهو كتاب سابق في فنه، يعكف على دراسة تغيير الإنسان من خلال اللعب، كما نرى انشغال أولادنا في الألعاب وتظل القاعدة هي: «ما يظهر في وسائل العالم موجود وما يخفى معدوم. وقرأت قصة جميلة للكاتب المصري الراحل فؤاد قنديل في مجلة العربي، وتفقدتها في أعماله الكاملة، فلم أجدها. يذكر الراوي في القصة أنه سعد بمظاهرة في بلده في وجه السلطة واستبشر، فاقترب منها فوجد أنّ المظاهرة هي بين جمهوري فريقين رياضيين. ويذكر كاتب أمريكي في كتابه (الشمس والظل) أن حرباً اندلعت سنة 1969 بين هندوراس والسلفادور، وهما بلدان فقيران، بسبب «مسّ الكرة الشيطاني». وأطلق المؤرخون عليها اسم حرب كرة القدم، فقد اندلعت الشرارة بينهما في تصفيات المونديال، وذهب ضحيتها أربعة آلاف ضحية. أسياد الحروب والكرة كانوا يتفرجون، بينما خسر الشعبان دماءً كثيرة! خلبوا ألبابنا، وشغلونا عن أحبابنا، ورفعوا اللعبة وشأنها رفعاً كبيراً، ويظهر أنَّ الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، فقد ينقلب اللعب جدّاً.