17 سبتمبر 2025

تسجيل

"العليق عند الغارة لا ينفع"

30 ديسمبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا أذيع سرًا عندما أقول بأنه لا يوجد حدٌ للتوسع الإسرائيلي على حساب الفلسطينيين، فعجلة الاستيطان تدور بلا توقف وتقضم ما تبقى من أرض للفلسطينيين، والقاصي والداني يعرف حقيقة أن من يبني المستوطنات التي غدت تكسو الأرض كغابة ويستثمر سياسيا بتوسيعها وتسمينها لا يمكن أن يكون راغبا بالسلام وفقا لمعادلة "الأرض مقابل السلام" التي ينادي بها المجتمع الدولي.الخطاب الوداعي الأخير لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري ينم عن حكمة، لكنها حكمة متأخرة ولا تعبر عن موقف أمريكي أصيل وبخاصة في ظل "تهديدات" الإدارة القادمة بعد أقل من شهر، والتي تفيد بأن سياسة أمريكا ستكون مختلفة جذريا ولصالح إسرائيل. فالمبادئ التي نادى بها كيري لتكون أساسًا للحل توافق عليها كل الدول العربية لأنها لا تتناقض مع خطة السلام العربية التي وافقت عليها جميع الدول في قمة بيروت عام ٢٠٠٢. غير أن الأمر أكثر تعقيدا، فجون كيري ورئيسه أوباما أمضيا ثماني سنوات في الكثير من الكلام والقليل من الأفعال، ولم يتمكن أوباما من لجم شراهة الاستيطان عند قوى اليمين المتحكم بالسياسة الإسرائيلية.رغم أن حل الدولتين هو المبدأ الوحيد الذي يمكن أن ينقذ إسرائيل من نفسها إلا أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تضع حل الدولتين في سياق المصلحة الأمريكية الإستراتيجية في الشرق الأوسط وبقيت هذه الإدارات مغلولة اليد بفعل إذعانها لإملاءات لوبي إسرائيل الذي يعادي حل الدولتين. لهذا السبب نقول بأنه لا طائل ولا جدوى من خطاب يلقيه هذا الوزير أو ذاك لأنه خطاب بلا أسنان!طبعا، الجانب الإسرائيلي انتابه سعار من الغضب لهول ما ورد في الخطاب، فكيف لوزير خارجية أن ينادي بحل الدولتين! فإسرائيل لا تبحث عن حل سياسي إلا إذا كان يفضي إلى قبول الفلسطينيين بشروط إسرائيل وربما بروايتهم للتاريخ، ما حديث نتنياهو عن ضرورة استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة إلا تمويهًا معدًا بشكل ممنهج لتقويض فرص الحل حتى تكتمل آخر حلقات المشروع الصهيوني الإحلالي في التوسع.فإستراتيجية إسرائيل قائمة على عنصرين هما: أولا، خلق الوقائع على الأرض وهنا تأتي المستوطنات لتعلب الدور الأبرز في توسع إسرائيل. وثانيا، الاتكاء على الولايات المتحدة لتمنع من معاقبة إسرائيل دوليا وبخاصة في مجلس الأمن. وبينما تستمر إسرائيل في العنصر الأول يمكن القول إن العنصر الثاني يتعطل ولو مرحليا وهنا إشكالية تواجه إسرائيل واليمين الحاكم فيها، وبخاصة بعد أن بدأت المعارضة الإسرائيلية تنهش من اليمين الحاكم لإضعافه.لقد ذرف جون كيري دموع التماسيح على ما أصحبت عليه حال الفلسطينيين، وأكثر من ذلك هاجم بشكل غير مسبوق دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكن هذا ليس كافيا أبدا، فكان بإمكان إدارة أوباما المترددة التصدي لموقف نتنياهو ووضع تسعيرة على عدم احترامه للإدارة وتحديها في كل مناسبة وفي أكثر من ملف من ملفات الصراع في المنطقة. وبالتالي عبثًا حاول كيري تبييض صفحة وزارته وفشلها الذريع في إدارة ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإسرائيل اليمينية تمكنت من هزيمة إدارة أوباما طيلة السنوات الثماني، ويبقى خطاب كيري كالمثل البدوي القائل "العليق وقت الغارة لا يجدي نفعا".