10 سبتمبر 2025

تسجيل

لاعب جديد في سوق النفط

30 ديسمبر 2015

صورة متفائلة يرسمها آخر تقرير للبيت الاستشاري "بيرا" لأساسيات السوق النفطية خلال عام 2016 تستحق المتابعة خصوصا وأنها تتابع مواضيع بعينها، فهي من جهة تتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط بـ1.9 مليون برميل يومياً، تشمل 500 ألف برميل يوميا من البلدان الصناعية والباقي من الأسواق النامية، وهو مؤشر لاستمرار تنامي الطلب في أسواق أكثر في العالم كما هو الحال في عام 2015، وهو أمر إيجابي.ويتوقع التقرير أن يرتفع الطلب على نفط الأوبك من 31.5 مليون برميل يوميا خلال عام 2015 ليصل إلى 32.3 مليون برميل يومياً في عام 2016، وهو أمر مرتبط بتنامي الطلب العالمي، ونتيجته أمران الأول القدرة على استيعاب الزيادة المتوقعة من النفط الإيراني في السوق النفطية، وكذلك ضمان سحوبات من المخزون النفطي خلال النصف الثاني من عام 2016 وتحقق توازن مع نهاية عام 2016.وهذا التطور ينعكس إيجاباً على أسعار نفط خام الإشارة برنت والتي تتعافى من 32 دولارا للبرميل في شهر فبراير 2016 إلى 55 دولارا للبرميل في شهر ديسمبر 2016، ولكن المتوسط يبقى في إطار 41 دولارا للبرميل خلال عام 2016 وهو يقل عن متوسط عام 2015 بـ11 دولارا للبرميل.وإن رفع العقوبات عن إيران ربما يتم في شهر فبراير 2016، وإن إيران ستكون قادرة على الوصول إلى معدل 3.5 مليون برميل يومياً بحلول الربع الرابع من عام 2016، وبالتالي يرتفع الإنتاج من 2.87 مليون برميل يومياً خلال عام 2015 ليصل إلى 3.31 مليون برميل يوميا خلال عام 2016 أي زيادة مقدارها 440 ألف برميل يومياً.ويتساءل العديد عن أسباب هبوط أسعار النفط باتجاه 35 دولارا للبرميل لنفط خام برنت ولعل الإجابة تتلخص في أنه لا يوجد شيء مستجد في أساسيات السوق من حيث قرار أوبك في المؤتمر الأخير رغم أن تجاوز 30 مليون برميل يومياً كان منذ شهر يناير 2015، رفع البنك الفيدرالي الأمريكي للفائدة وما يعني ذلك من دعم للدولار وضعف لأسعار النفط الخام، ارتفاع المخزون النفطي إلى مستويات قياسيه غير مسبوقة، ضعف الطلب العالمي خلال الربع الرابع من عام 2015، اتفاق باريس وما يعني ذلك من إسهامات دولية ضمت 194 في خفض انبعاثات الكربون الضارة وإن كان بشكل طوعي، وأخيرا استمرار إنتاج النفط الصخري من دون تأثير واضح رغم ضعف الأسعار، كما أن بيوت المضاربة هي اللاعب الفاعل في تسارع وتيرة خفض الأسعار حسب انطباعاتهم.ويراقب المحللون في أسواق النفط تحرك إنتاج النفط الصخري في عام 2016، والذي من المتوقع على نطاق واسع أن يشهد إنتاج النفط الصخري انخفاضاً، يقدره البيت الاستشاري انرجي سيكيورتي اناليسس بـ780 ألف برميل يومياً خلال عام 2016 ليصل 4.1 مليون برميل يومياً.وما يؤكد ذلك هو ما أشارت بيانات صادرة عن الاحتياطي الفيدرالي في ولاية "دالاس" الأمريكية إلى وصول إفلاس شركات النفط والغاز لأعلى مستوياتها على أساس فصلي منذ الركود الاقتصادي، وأفاد البنك في تقريره الاقتصادي للطاقة بإعلان ما لا يقل عن 9 شركات أمريكية للنفط والغاز إفلاسها خلال الربع الرابع من العام الجاري، كما يصل اقتراض هذه الشركات إلى ملياري دولار.من جهة أخرى من المتوقع أن تسهم الموافقة على رفع حظر عمره 40 عاما على تصدير النفط الخام، في التأثير على نمط تجارة النفط مع دخول النفط الصخري على الخط، ويصبح لاعباً في إعادة التوازن للسوق النفطية.إن الوضع معقد حين نفهم سوق الولايات المتحدة الأمريكية من جهتين، أولا لأن الولايات المتحدة الأمريكية هي سوق مستورد للنفط، والسماح بالبيع يعني بالضرورة ارتفاع الواردات من النفط الخام، ثانياً أن انخفاض متوقع في إنتاج النفط الصخري في المستقبل أيضاً يعني ارتفاع الواردات من النفط الخام، لاسيَّما وأن معظم صناعة التكرير الأمريكية قد صممت لمعالجة نفوط الخليج العربي والفنزويلي الأعلى كثافة، ولا شك أن التأثير السلبي الكبير سيكون على الدول المنتجة للخام الخفيف الفائق النوعية مثل ليبيا ونيجيريا والجزائر كما هو الحال فعلياً، وتستهلك الولايات المتحدة 19.4 مليون برميل يوميا، وأنتجت في عام 2007 حوالي 5 ملايين برميل يوميا فقط، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يهبط إجمالي إنتاج النفط الأمريكي ليصل إلى 8.8 مليون برميل يوميا في 2016، ثم يعود للزيادة في عام 2017، وذلك مرتبط بكفاءة إنتاجية الآبار والحفر ومستوى أسعار النفط. بلا شك يعني تصدير النفط الأمريكي، إعادة التوازن للسوق الأمريكية بخفض الفائض من النفط الصخري الفائق النوعية وتصريف الفائض إلى أسواق أخرى خصوصا أمريكا اللاتينية وأوروبا، كذلك يعني ارتفاع الواردات من الفوط الثقيلة والمتوسطة والتي تحتاجها المصافي الأمريكية لما تمتلكه من قدره فائقة على تكرير تلك الأنواع من النفوط بما تمتلكه من قدرات تحويلية وتكسيرية عالية، أضف إلى ذلك أيضاً يقلص من الفروقات مع نفط خام برنت ويعيد النفط الأمريكي ليكون ويتحدد بأساسيات السوق النفطية في العالم وربما تكون عودة لاستخدامه نفطاً للإشارة من جديد، وهذا يصب في مصلحة السوق الأمريكية ويعزز أسعار النفط الأمريكي.لقد بلغ متوسط الفروقات، خلال السنوات 1995 – 2009، ما بين نفطي الإشارة برنت وغرب تكساس المتوسط 1.5 دولار للبرميل لصالح نفط خام غرب تكساس المتوسط وهو النفط الذي يفوق نفط خام برنت، ولكن خلال السنوات 2010 – 2015 أصبح متوسط الفروقات ما بين نفطي الإشارة برنت وغرب تكساس المتوسط 9 دولارات للبرميل لصالح نفط خام برنت ليعكس الوفرة النفطية في السوق الأمريكية بعد بروز النفط الصخري، ولكن يوم 24 ديسمبر 2015 ولأول مرة منذ سنوات ارتفاع سعر نفط غرب تكساس المتوسط ليصل إلى 37.58 دولار للبرميل بينما وصل نفط خام برنت عند 37.08 دولار للبرميل أي أن العلاقة الطبيعية ما بين أسعار النفطين قد تكون عادت لطبيعتها السابقة بتفوق نفط غرب تكساس المتوسط النوعي وهو أمر قد يكون له علاقة مباشرة بالسماح بتصدير النفط الأمريكي للأسواق العالمية، وهو أمر يجب متابعته للتأكد أنه يمثل عودة مؤقتة أو تغير حقيقي دائم. وهذا واقع جديد ولكن التأثير على أسواق العالم متدرج ومرتبط بعمليات المصافي بالدرجة الأولى والجدوى الاقتصادية.