10 سبتمبر 2025

تسجيل

"الخليج" يسكن قلب مصر

30 ديسمبر 2013

ما استوعبته من الأطروحات العديدة التي تحدث عنها الدكتور نبيل فهمي وزير الخارجية المصري في حديثه يوم الأحد الماضي أمام اللقاء الذي نظمته مجلة السياسة الدولية التي تصدر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ووزارة الخارجية هو أن منطقة الخليج العربي تسكن قلب السياسة الخارجية المصرية وذلك في ضوء ما طرحه من تصورات لتفعيل دور وأداء هذه السياسة بعد ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو. وبدا واضحا حرص فهمي على أن الدائرة العربية هي أول المرتكزات التي يتعين التحرك بفعالية تجاهها وفي الصدارة منها منطقة الخليج التي تواجه تحديات وتهديدات إقليمية تحتاج إلى قوة مصر الناعمة وأحيانا الصلبة للتعامل معها والحد من تأثيراتها ضمن الرؤى الجديدة التي يتم صياغتها حاليا في مجموعة اللجان التي تقرر تشكيلها بوزارة الخارجية لتحديد الأولويات والآليات المقترحة لإعادة ضخ دماء مغايرة في مناهجها وتنشيط ديناميكيتها في السنوات القادمة وفق ما بات يحكمها من توازن واستقلالية في القرار الوطني وتنويع الخيارات وتجنب أي عزلة عن أي طرف أو العمل لحساب طرف دولي أو إقليمي دون آخر. وفي هذا السياق فقد تحدث الوزير فهمي في اللقاء الذي أداره الزميل أبو بكر الدسوقي رئيس تحرير السياسة الدولية وشهد حضورا نوعيا من أساتذة العلوم السياسية وخبراء مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ورجال الإعلام والصحافة عن ضرورة العمل على توسيع دوائر السياسة الخارجية المرتبطة بالمصالح والقضايا الوطنية الملحة خاصة في دول الجوار وبالأمن القومي المصري ويدخل ضمن هذا السياق التعامل مع دول مجلس التعاون الخليجي وإيران ويمكن هنا الاستناد إلى جملة من المحددات التي طرحها فهمي أولها أن أمن الخليج يجب أن يكون مرتبطا بشكل بأوسع بالأمن القومي العربي دون أن ينطوي ذلك على محاولة إعادة مفهوم القومية العربية وإنما اعتمادا على المصالح الحقيقية بالتحديد بين دول رئيسية معينة في العالم العربى. ثانيا: من الضروري دعم المصالح المباشرة لمصر في المنطقة وهنا يؤكد كاتب هذه السطور على أهمية الحرص على المجال الحيوي الذي توفره دول المنطقة لملايين العمالة المصرية التي تشكل واحدة من مرتكزات الأمن القومي المصري. ثالثا: على صعيد التعامل مع إيران باعتبارها طرفا مهما في المعادلة الأمنية لإقليم الخليج فإن النظرة المصرية تقوم وفق ما ذكره فهمي على أن إيران دولة له تاريخ ووجود ومستقبل في الشرق الأوسط وبالتالي هي ضمن الدائرة الأولى والدائرة الثانية التي تشكل دوائر التحرك الخارجي وهي الدائرة العربية ودائرة دول الجوار وذلك يستوجب تبني منهجية المصارحة والتعامل بوضوح والعمل على إنجاز تقدم في كل مرحلة يتم التوافق فيها بين البلدين وتجنب سياسة تجاهل إيران، مؤكدا في الوقت نفسه أنه يتعين أن تدرك إيران أن مصالحها الوطنية لا تتحقق من خلال علاقاتها مع الدول الكبرى في العالم وإنما من داخل إقليم الشرق الأوسط وهنا يكشف فهمي عن أن تحديد أطر العلاقات مع طهران يخضع لمناقشات داخل وزارة الخارجية والجهات المعنية أخذا في الاعتبار مصالح مصر الإقليمية، مشيرا إلى أن ذلك لا يعني أن القاهرة تقبل بأن يمارس طرف فيتو على مواقف أو سياسات مصر سواء داخلية أو خارجية وإنما هناك حساب للحركة يقوم على قياس مدى استعداد طهران للتعامل مع العالم العربي ومصر في القلب منه بشكل مختلف عما كان يحدث في الماضي وفي الوقت ذاته يشير فهمي إلى أن البحث عن رؤية مصرية تجاه إيران يستبعد أن يكون هناك قرار بالانفتاح أو الانغلاق بنسبة مائة في المائة تجاه إيران ولكن يجب أن تكون العلاقات معها مبنية على تحقيق المزيد من التعاون الإقليمي سياسيا واقتصاديا وأمنيا. رابعا: على صعيد علاقات مصر مع قطر فإن وزير الخارجية انتهج منحى دبلوماسيا في إطار حرصه على كونها" دولة عربية تربطنا بها روابط ومصالح مشتركة" وإن اعترف بأن ثمة مشكلة مع الدوحة غير أن أسلوب التعامل معها يختلف عما يمكن أن يتم التعامل به مع أطراف غير عربية ويكشف في إجابته عن سؤال لأحد المشاركين عن وجود مساع عربية لجس النبض بين الجانبين المصري والقطري باتجاه التهدئة وتقريب المواقف مؤكدا أن القاهرة منفتحة على هذه المساعي إذا ما حدث تغيير حقيقي في جوهر الموقف القطري تجاه مصر وحسب قناعتي فإن البيان الأخير الذي أصدرته الخارجية القطرية وأدانت فيه تفجيرات مدينة المنصورة التي وقعت مؤخرا من شأنه أن يزيح الكثير من العقبات أمام استعادة العلاقات بين القاهرة والدوحة لعافيتها وهو أمر بات ضروريا للجانبين حتى لا تستغله أطراف مناوئة لهما وتلعب عبر وسائل إعلام ومنابر سياسية دورا سلبيا لمنع التقائهما مجددا. خامسا: من الضروري تجنب الانفعالات في تقرير السياسة الخارجية لمصر تجاه منطقة الخليج - وتلك إضافة من كاتب هذه السطور – فثمة أهمية قصوى لعوامل ومقومات عقلانية بالأساس تقوم عليها هذه السياسة في مقدمتها وجود مصالح استثمارية واقتصادية مشتركة تحقق النفع لطرفي المعادلة فضلا عما ذكرته من قبل ويتصل بوجود ملايين من عمال مصر بدول المنطقة يلعبون دورا محوريا في تنميتها ومشروعات نهوضها بعيدا وفي الوقت ذاته يحصلون على عوائد مجزية تشكل رافدا حيويا من روافد تعزيز الاقتصاد الوطني لمصر ولاشك أن السنوات القليلة المنصرمة شهدت تطورا نوعيا على هذا الصعيد من خلال تشكيل مجالس لرجال الأعمال بين مصر وأغلب دول مجلس التعاون وقيام العديد من المشروعات المشتركة والتي تحقق مصالح الطرفين بعيدا عن منطق المنح والمساعدات والذي قد يخضع للاعتبارات السياسية مما يفقده تأثيره ومردوده الإيجابي. السطر الأخير: أيام دارتي حنطة حقولي فجر ليلاتي قدس أقداس قلبي أبثك عشقي وسفري وبوحي فبثي روحك بمناراتي أعيديني لسيرتي الأولى أشرقي بكتاباتي نوري عتمة نهاراتي