17 سبتمبر 2025

تسجيل

والآن من الذي انتصر في غزة؟

30 نوفمبر 2023

ما إن بدأت الهدنة بين إسرائيل وحماس حتى قفز سؤال من الذي انتصر؟. بالطبع الصهاينة في فكرهم وواقعهم يرون أن حماس لم تنتصر. وهنا أنوه بالحقيقة البسيطة جدا، وهي هل كانت الحرب بين جيشين نظاميين انتهت بهزيمة أحدهما واستسلامه؟ ما فعلته إسرائيل هو إبادة جماعية للمدنيين الفلسطينيين، فهي لا تواجه قواعد عسكرية تقوم بقصفها بالطائرات كمقدمة لتقدم جنودها، بل تقوم بهدم ونسف البيوت والمدارس والمستشفيات على من فيها. إسرائيل تعرف أن كتائب حماس ليسوا جنودا نظاميين يخرجون من قواعد عسكرية، ويتقدمون لمواجهة العدو في ميدان قتال، كما يحدث في أي حرب. لكنهم مجموعات قتالية لهم أماكن سرية يخرجون منها للمقاومة ويعودون. الحل في مثل هذا النوع من القتال هو أن يتقدم العدو إلى مراكز اختباء أولئك الجنود وإخراجهم أو القضاء عليهم. لكن إسرائيل التي تعرف مقدما أن ذلك أمر صعب عليها، حولت المعركة إلى معركة تقليدية، تبدأ بالغارات الجوية ثم تتقدم بعدها لتحقيق هدفها. هل كانت إسرائيل لا تعرف أن غاراتها الجوية ليست على عسكريين ولا قواعد عسكرية، وأن ضحاياها سيكونون من المدنيين العزل بشكل رئيسي؟. وهل إذا أنكرت ذلك بحجة أن قوات حماس تحت البيوت والمستشفيات، لم تشاهد حجم الدمار والموت للنساء والأطفال؟ هذا يؤكد لك أن الهجوم على المدنيين كان هو الهدف الأول منذ البداية. وهذا أمر يعكس فشلا وغِلا كبيرا، فكيف حقا يقوم جنود حماس غير المرئيين بغارات على المستعمرات الصهيونية على حدود غزة في السابع من أكتوبر ويأسرون أعدادا منها!. طالت الحرب بإسرائيل وتغير موقف شعوب العالم التي رأت أن الصهيونية لا تختلف عن النازية، بل هي النسخة الجديدة منها باعتبار ما تعلنه قيادات إسرائيل أنهم شعب الله المختار! وغير شعوب العالم التي انتفضت من أجل أبناء فلسطين، فبعض الدول التي ساندت وتساند إسرائيل بدأت قياداتها تتحدث عن ضرورة إطالة الهدنة، وعن ضرورة التوقف عن قتل المدنيين، وعن ضرورة إمداد غزة بالمعونات الإنسانية. ظهر ذلك في أحاديث مسؤولين مثل بايدن وماكرون. أو تصريح وزيرة خارجية ألمانيا بأن إسرائيل لن تستطيع العيش بسلام إلا إذا عاش الفلسطينيون في سلام. ناهيك عن دول تزداد كل يوم تطالب بقطع علاقاتها بإسرائيل، ومنظمات عالمية تطالب بتحويل نتنياهو والمساندين له مثل بايدن نفسه إلى المحكمة الدولية. الأمر كله يتغير لصالح الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، ومن ثم قياس النصر أو الهزيمة هنا ليس بين جيشين نظاميين. المعيار هو هل استسلمت حماس وجنودها وسلموا أنفسهم للصهاينة؟ حماس في الهدنة وتبادل الأسرى سلمت الصليب الأحمر أسراها من الإسرائيليين في شمال غزة، وهو ما أرادت إسرائيل بغاراتها وهجومها البري الفاشل عليه إفراغه من أهل غزة. حماس تقول نحن هنا لم ولن نرحل. الدعوات الآن بإطالة الهدنة وقد يتم هذا أو لا، لكن هل ستغيب عن الصهاينة الأسئلة بعدد قتلاهم حين أرادوا الهجوم البري بعد الغارات، وهو ما تعلنه الصحف الإسرائيلية نفسها، وتجاوز الألف، أو عدد المعاقين من جنودهم، أو عدد من قتلتهم قوات إسرائيل نفسها من جنودهم، أو ما يقوله العائدون من أسراهم عن حسن معاملة جنود حماس لهم، فلا شيء يمكن إخفاؤه. إسرائيل لم توافق على الهدنة إلا لأنها تخسر المعركة. والآن بعد خمسة وأربعين يوما من الغارات على شعب أعزل لم تستطع فيها إخضاعه، هل ستنجح في إخضاعه لو عادت للحرب؟ العالم ينفجر حول إسرئيل وإسرائيل ستنفجر من الداخل.