11 سبتمبر 2025

تسجيل

براءة مبارك من مؤامرة ثورة يناير

30 نوفمبر 2014

بكل بساطة وهدوء وأريحية، قرر القضاء المصري الشامخ براءة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء ووزير داخليته حبيب العدلي و6 من مساعديه من كل التهم الموجهة إليهم، بما في ذلك قتل متظاهرين شاركوا في ثورة يناير. حكم البراءة يعني تنظيف صفحة مبارك ونجليه وأركان حكمه، ويعتبر إدانة لثورة 25 يناير باعتبارها "مؤامرة" على نظام الحكم وعلى "الرئيس مبارك"، وهي ليست أكثر من إخلال بالأمن وتمرد وفوضى واستهداف لمقدرات البلد، وتحميل المسؤولية للقتلى الذين سقطوا في ثورة يناير 2011 دون أن يتهم أحد بقتلهم.القضاء المصري "الشامخ" برأ مبارك من القتل والرشوة والفساد واستغلال النفوذ والانتفاع وبيع الغاز المصري للكيان الإسرائيلي بـــ "بلاش" وأثبت "نظافة عهد مبارك" كما قال فريد الديب محامي الرئيس المخلوع، وهكذا فإن شهداء ثورة يناير لم يقتلهم أحد بل ماتوا من تلقاء أنفسهم أو ربما قتلوا أنفسهم، ولم تكشف 160 ألف صفحة من التحقيقات من قتل الثوار.ما يجري في مصر يؤكد أن القوى المضادة للثورة تعمل بقوة وسرعة وبدون خجل أو وجل، وتستخدم أذرعتها الإعلامية والقضائية والدينية الرسمية من أجل القضاء على الثورة، وإثبات أن "الثورة" لم تكن أكثر من موجة عابرة لمجموعة من "الخارجين على القانون"، ولا تعبر عن مطالب الشعب المصري، والدليل على ذلك الحكم ببراءة أركان النظام مبارك وزج قيادات القوى الثورية في السجون، وتبرئة 30 سنة من حكم مبارك من الفساد وتدمير مقدرات مصر.هذه التبرئة تطرح السؤال التالي: إذا كان حكم مبارك "نظيفا" فلماذا ثار المصريون؟ ولماذا خلعوه من الحكم؟ ولماذا امتلأت الميادين بملايين المتظاهرين؟ الإجابة هي: سقوط القضاء المصري بوصفه أداة من الأدوات المضادة للثورة، وبوصفه مخلبا من مخالب الانقلاب واستهداف إرادة الشعب المصري، وبهذا تسفر القوى المعادية للثورة المصرية عن وجهها القبيح، وتقتل الشهداء مرة أخرى وتقتل إرادة الشعب المصري ومطالبته بالحرية والكرامة والعدالة.الثورة المصرية تتعرض لانتكاسة كبيرة بتبرئة نظام الحكم الذي ثار عليه الشعب، وتتعرض للخيانة والغدر من قبل أعداء الثورة من "الدولة العميقة" التي ثبت أنها متجذرة وعميقة بشكل كبير جدا، وهي في حالة دفاع عن النفس في مواجهة القوى المعادية.القصة لم تنته بعد، فما يجري ليس أكثر من محطة من محطات العمل الثوري، وللتذكير فإن الملكية عادت إلى حكم فرنسا بعد اندلاع الثورة وانتصارها، واستغرقت الثورة الفرنسية أعواما كثيرة حتى استطاعت أن توطد أركانها من جديد، ولهذا فرغم الحكم ببراءة مبارك وأركان حكمه، وإصدار أحكام بالإعدام على مئات الثوار والمناصرين للثورة والمعارضين للانقلاب والمؤيدين للثورة، فإن إرادة الشعب المصري سوف تنتصر، وستنتهي كل محاولات "تأديب الشعب المصري المتمرد" الذي ثار من أجل حقوقه إلى مزبلة التاريخ.لقد عادت القبضة الأمنية العسكرية المدعومة من الإعلام والقضاء ورجال الأعمال الفاسدين إلى البطش بالشعب المصري، ولم تتوقف آلة القتل منذ انقلاب 3 يوليو المشؤوم بقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي، لكن الشعب المصري الذي ينزل إلى الشوارع كل يوم للمطالبة بإسقاط النظام العسكري يثبت أن القوى الحية في هذا الشعب لن تموت أبدا، وأن إسقاط الانقلاب والانقلابيين وحكم العسكر والدولة العميقة المدعومة من الجيش والشرطة والأمن المركزي والمخابرات والإعلام الفاسد والقضاء الفاسد والبيروقراطية الفاسدة حتما ستتحقق بإذن الله.