09 أكتوبر 2025
تسجيل* هذه القصيدة قالها الشاعر حافظ إبراهيم في حفل تأبين الزعيم سعد زغلول: إيهِ يا لَيلُ هَل شَهِدتَ المُصابَا كَيفَ يَنصَبُّ في النُفوسِ اِنصِبابا؟ بَلِّغِ المَشرِقَينِ قَبلَ اِنبِلاجِ الصُبحِ أَنَّ الرَئيسَ وَلّى وَغابَا وَاِنعَ لِلنَيِّراتِ (سَعداً) فـ (سَعدٌ) كانَ أَمضى في الأَرضِ مِنها شِهابا قُدَّ يا لَيلُ مِن سَوادِكَ ثَوباً لِلدَراري وَلِلضُحى جِلبابا اُنسُجِ الحالِكاتِ مِنكَ نِقاباً وَاِحبُ شَمسَ النَهارِ ذاكَ النِقابا قُل لَها غابَ كَوكَبُ الأَرضِ في الأَرضِ فَغيبي عَنِ السَماءِ اِحتِجابا وَاِلبَسيني عَلَيهِ ثَوبَ حِدادٍ وَاِجلِسي لِلعَزاءِ فَالحُزنُ طابَا أَينَ سَعدٌ فَذاكَ أَوَّلُ حَفلٍ غابَ عَن صَدرِهِ وَعافَ الخِطابا لَم يُعَوِّد جُنودَهُ يَومَ خَطبٍ أَن يُنادى فَلا يَرُدُّ الجَوابا عَلَّ أَمراً قَد عاقَهُ عَلَّ سُقماً قَد عَراهُ لَقَد أَطالَ الغِيابا أَي جُنودَ الرَئيسِ نادوا جِهاراً فَإِذا لَم يُجِب فَشُقّوا الثِيابا إِنَّها النَكبَةُ الَّتي كُنتُ أَخشى إِنَّها الساعَةُ الَّتي كُنتُ آبى إِنَّها اللَفظَةُ الَّتي تَنسِفُ الأَنفُسَ نَسفاً وَتَفقُرُ الأَصلابا ماتَ (سَعدٌ) لا كُنتِ يا (ماتَ سَعدٌ) أَسِهاماً مَسمومَةً أَم حِرابا كَيفَ أَقصَدتِ كُلَّ حَيٍّ عَلى الأَرضِ وَأَحدَثتِ في الوُجودِ اِنقِلابا حسرةٌ عند أَنَّةٍ عند آهٍ تحتَها زَفْرَةٌ تذيب الصِّلابا قُل لِمَن باتَ في (فِلِسطينَ) يَبكي إِنَّ زِلزالَنا أَجَلُّ مُصابا قَد دُهيتُم في دورِكُم وَدُهينا في نُفوسٍ أَبَينَ إِلاّ اِحتِسابا فَفَقَدتُم عَلى الحَوادِثِ جَفناً وَفَقَدنا المُهَنَّدَ القِرضابا سَلَّهُ رَبُّهُ زَماناً فَأَبلى ثُمَّ ناداهُ رَبُّهُ فَأَجابا قَدَرٌ شاءَ أَن يُزَلزِلَ (مِصراً) فَتَغالى فَزَلزَلَ الأَلبابا طاحَ بِالرَأسِ مِن رِجالاتِ (مِصرٍ) وَتَخَطّى التُحوتَ وَالأَوشابا وَالمَقاديرُ إِن رَمَت لا تُبالي أَرُؤوساً تُصيبُ أَم أَذنابا خَرَجَت أُمَّةٌ تُشَيِّعُ نَعشاً قَد حَوى أُمَّةً وَبَحراً عُبابا حَمَلوهُ عَلى المَدافِعِ لَمّا أَعجَزَ الهامَ حَملُهُ وَالرِقابا حالَ لَونُ الأَصيلِ وَالدَمعُ يَجري شَفَقاً سائِلاً وَصُبحاً مُذابا وَسَها النيلُ عَن سُراهُ ذُهولاً حينَ أَلفى الجُموعَ تَبكي اِنتِحابا ظَنَّ يا (سَعدُ) أَن يَرى مِهرَجاناً فَرَأى مَأتَماً وَحَشداً عُجابا لَم تَسُق مِثلَهُ فَراعينُ (مِصرٍ) يَومَ كانوا لأَهلِها أَربابا خَضَبَ الشيبُ شَيبَهُم بِسَوادٍ وَمَحا البيضُ يَومَ مِتَّ الخِضابا وَاِستَهَلَّت سُحبُ البُكاءِ عَلى الوادي فَغَطَّت خَضراءَهُ وَاليَبابا ساقَت (التَيمِسُ) العَزاءَ إِلَينا وَتَوَخَّت في مَدحِكَ الإِسهابا لَم يَنُح جازِعٌ عَلَيكَ كَما ناحَت وَلا أَطنَبَ المُحِبُّ وَحابى وَاِعتِرافُ (التاميزِ) يا (سَعدُ) مِقياسٌ لِما نالَ نيلَنا وَأَصابا يا كَبيرَ الفُؤادِ وَالنَفسِ وَالآمالِ أَينَ اِعتَزَمتَ عَنّا الذَهابا كَيفَ نَنسى مَواقِفاً لَكَ فينا كُنتَ فيها المَهيبَ لا الهَيّابا كُنتَ في مَيعَةِ الشَبابِ حُساماً زادَ صَقلاً فِرِندُهُ حينَ شابا لَم يُنازِلكَ قارِحُ القَومِ إِلاّ كُنتَ أَقوى يَداً وَأَعلى جَنابا عِظَمٌ لَو حَواهُ (كِسرى أَنوشَروانَ) يَوماً لَضاقَ عَنهُ إِهابا وَمَضاءٌ يُريكَ حَدَّ قَضاءِ اللَهِ يَفري مَتناً وَيَحطِمُ نابا قَد تَحَدَّيتَ قُوَّةً تَملَأُ المَعمورَ مِن هَولِ بَطشِها إِرهابا تَملِكُ البَرَّ وَالبِحارَ وَتَمشي فَوقَ هامِ الوَرى وَتَجبي السَحابا لَم يُنَهنِه مِن عَزمِكَ السِجنُ وَالنَفسُ وَساجَلتَها (بِمِصرَ) الضِرابا سائِلوا (سيشِلاً) أَأَوجَسَ خَوفاً وَسَلوا (طارِقاً) أَرامَ اِنسِحابا عَزمَةٌ لا يَصُدُّها عَن مَداها ما يَصُدُّ السُيولَ تَغشى الهِضابا قَد كَشَفنا بِهَديِهِ كُلَّ خافٍ وَحَسِبنا لِكُلِّ شَيءٍ حِسابا حُجَجُ المُبطِلينَ تَمضي سِراعاً مِثلَما تُطلِعُ الكُؤوسُ الحَبابا حينَ قالَ (اِنتَهَيتُ) قُلنا بَدَأنا نَحمِلُ العِبءَ وَحدَنا وَالصِعابا فَاِحجُبوا الشَمسَ وَاِحبِسوا الرَوحَ عَنّا وَاِمنَعونا طَعامَنا وَالشَرابا وَاِستَشِفّوا يَقينَنا رَغمَ ما نَلقى فَهَل تَلمَحونَ فيهِ اِرتِيابا؟ قَد مَلَكتُم فَمَ السَبيلِ عَلَينا وَفَتَحتُم لِكُلِّ شَعواءَ بابا وَأَتَيتُم بِالحائِماتِ تَرامى تَحمِلُ المَوتَ جاثِماً وَالخَرابا وَمَلَأتُم جَوانِبَ النيلِ وَعداً وَوَعيداً وَرَحمَةً وَعَذابا هَل ظَفِرتُم مِنّا بِقَلبٍ أَبِيٍّ أَو رَأَيتُم مِنّا إِلَيكُم مَثابا لا تَقولوا خَلا العَرينُ فَفيهِ أَلفُ لَيثٍ إِذا العَرينُ أَهابا فَاِجمَعوا كَيدَكُم وَروعوا حِماها إِنَّ عِندَ العَرينِ أُسداً غِضابا جَزِعَ الشَرقُ كُلُّهُ لِعَظيمٍ مَلأَ الشَرقَ كُلَّهُ إِعجابا عَلَّمَ (الشامَ) وَ(العِراقَ) وَ(نَجداً) كَيفَ يُحمى الحِمى إِذا الخَطبُ نابا جَمَعَ الحَقَّ كُلَّهُ في كِتابٍ وَاِستَثارَ الأُسودَ غاباً فَغابا كُلَّما أَسدَلوا عَلَيهِ حِجاباً مِن ظَلامٍ أَزالَ ذاكَ الحِجابا واقِفٌ في سَبيلِهِم أَينَ ساروا عالِمٌ بِاِحتِيالِهِم أَينَ جابا أَيُّ مَكرٍ يَدِقُّ عَن ذِهنِ سَعدٍ أَيُّ خَتلٍ يُريغُ مِنهُ اِضطِرابا شاعَ في نَفسِهِ اليَقينُ فَوَقّاهُ بِهِ اللَهُ عَثرَةً أَو تَبابا * القصيدة طويلة فمن أراد الاستزادة فليرجع إلى ديوان الشاعر حافظ إبراهيم. وسلامتكم...