15 سبتمبر 2025
تسجيلعوضاً عن أن تنتخب باتت تنتحب!.. وبدلاً من أن تتنفس الحرية أصبحت تضيق بسجن كبير يسمى (ميدان التحرير)!.. أين النصر يا مصر؟!.. أين (ثورة) الخامس والعشرين من يناير التي صارت وبفعل الملايين إلى (فورة) سرعان ما خبت وانطفأت و.. ماتت!.. فعفواً فنحن على مشارف شهر ديسمبر وما بدأت به السنة لم تنته به بالنسبة إلى المصريين الذين أسقطوا مبارك، وليس نظامه لأن الذي حكم مصر بعد سقوطه كانوا رؤوس نظامه التي يطالب الشعب اليوم بها، وتقديمها للعدالة التي زُج لها مبارك وأولاده إليها وفي حال لا يمكن أن يرثى لها أبداً!.. اليوم مصر تحترق بمئات القتلى والجرحى والميدان الذي كان يضج بملايين الشباب التي واصلت الليل بالنهار لزعزعة الكرسي من تحت مبارك، بات اليوم ساحة لعقد مواثيق الزواج بين هؤلاء الذين صارت ثورتهم فوضى، وبعد أن قلنا أخيراً سيعيش المصريون بعد غيبوبة إجبارية عن الحياة يعودون إلى نفس الوكر ولكن من باب خلفي لم يعوا له حينما قامت ثورتهم!.. فالمشير (طنطاوي) ـ وعلى ما يبدو ـ إن باله طويل على شعب مصر واصبح يعلم كيف يقوم هؤلاء بثورتهم وكيف يتم وأدها رغم العاصفة الشعبية التي يتعرض لها شخصياً برفضهم له على سدة المجلس العسكري، الذي ارتضى المصريون بعد سقوط مبارك أن يتولى شؤون الحكم إلى أن تقوم انتخابات رئاسية في شهر يوليو من العام القادم، يختار الشعب من يقبلونه زعيماً يعيد بلادهم إلى الزعامة، بعد أن قادها مبارك إلى صفوف الرعايا!.. الآن بات هذا الرجل منبوذاً وهو يعلن في كل مرة الانتخابات قادمة وأنا لا أطمع بالحكم وهو الذي شهد في محاكمة مبارك أن الأخير لم يطلب منهم أن يطلقوا النار على المتظاهرين، وأن ما فعله هؤلاء سيحاسبون عليه لأن الدم المصري من وجهة نظره (المعلنة) غالٍ جداً على غير ما يمثله الواقع اليوم!.. فأين النصر يا مصر؟!.. أين النصر الذي تبادلنا النخب فيه، وقلنا يا مصر وهل لنا إلا مصر؟!.. أين نشيدك بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي، وبتنا في ذاك اليوم مصريين ننشد نفس الكلمات ونتمايل على اللحن نفسه؟!.. أين العزة في قاهرة المعز وما نراه هو دم وإسعاف وتنافس في الركض والهتاف وعمار عمار يا مصر؟!.. والمصيبة أن ثورة مصر كانت شرارة محركة لبعض الدول التي انتفضت شعوبها، بعضها بثورة ناجحة كما هو الحال في ليبيا وبعضها بفوضى تخريبية كالحال الذي يمر به اليمن اليوم رغم الاتفاق الذي وصلت إليه الوساطة الخليجية في توقيع الرئيس اليمني للمبادرة التي سعت إليها المعارضة نفسها، في اعتراف صريح بأن من يسكنون ساحة التغرير مجرد بيادق بيد المعارضة، والدليل وجود هذه الأخيرة في حفل التوقيع كطرف في الذي يجري في البلاد، دون الالتفات إلى (شباب الثورة المعتصمة بساحة الجامعة) والذين أعتبرهم من المغرر بهم فعلاً، فكيف كان لمصر أن توقظ رياح التغيير في نفوس كل هذه الشعوب وهي الساكنة تحت ثقل الأمر العسكري الطنطاوي القائل (أماماً إلى الخلف)؟!.. متى يخلو ميدان التحرير ويزدحم بمئات السيارات في ساعات الذروة وتعلو الأبواق الناقمة والسباب من الألسنة الضائقة من متاعب الحياة؟!.. متى يمكن للشعب المصري أن يهتف للإعلام الخارجي (انتهى الدرس لموا الكراريس) وسنبني الدولة بعد أن أسسنا الحكم واخترنا الحاكم؟!.. لذا اهدئي يا مصر ومارسي طقوس الانتخابات التي تجري مراسمها الآن في القاهرة.. استريحي وخذي شهيقاً عميقاً من نصيبنا العربي من الأكسجين، واحتفظي ببعضه في داخلك وأطلقي الباقي منه على شكل هموم منقضية ونكد زائل، واهتفي بصيحة ترعد الآذان (مصر قادمة بعروبتها ومواقفها الرجولية) ودعي الباقي لنا لنقيم لك وزناً وهيبة عوضاً عن الخيبة التي تعيشينها اليوم!.. مصر.. عانقي سحاب العزة فليس كل غيمة تحمل خيراً فالكثير من الحرائق يكون سببها صواعق قاسية!. فاصلة أخيرة: تونس فعلتِ خيراً بمصر والأخيرة كانت قدوة حسنة لليبيا وهذه أشعلت اليمن وسوريا والمستقبل منير مستنير.. يعني بالعامي (إحنا بخير والأمور طيبة ).. هه!!