02 نوفمبر 2025

تسجيل

المتنبي قتيل السلطة لا بني ضبة

30 أكتوبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من أسخف الروايات، وأكثرها شيوعا، كذبة يزيدها شناعة أنها تتعلق بـ"المتنبي" الذي قال عنه العكبري: "أجمع الحذاق بمعرفة الشعر والنقاد أن لأبي الطيب نوادر لم تأت في شعر غيره وهي مما تخرق العقول".ودخل "ابن الأثير" مصر بعد وفاته بـ150 سنة، فوجد الناس منكبين على شعره دون غيره. وسأل عبد الرحيم بن علي البيساني "القاضي الفاضل" عن ذلك قال له: "إنه يتكلم عن خواطر الناس".وسماه ابن رشيق "خاتم الشعراء" وقال عنه "ملأ الدنيا وشغل الناس". ثم بعد هذا كله، يشيع بين الناس، منذ 11 قرنا، أنه قتل على يد بعض "بني ضبة" انتقاما لأنه هجا أحدهم، من دون التفات إلى أن "ابن جني" و"الواحدي" وهما أشهر شراح ديوانه، طعنا في نسبة هذا الهجاء إليه، وأنه بذاءة كتبت ـ على الأرجح ـ بعد مقتله استكمالا لإخفاء قتل "الثائر" بأكذوبة عن "الشاعر" تسيئ إليهما معا!تبقى الأكذوبة وينصرف "العقل العام" حتى عن رواية "ابن كثير" وفيها "عندما مدح المتنبي عضد الدولة بن بويه فأطلق له أموالا جزيلة تقارب مئتي ألف درهم، دس إليه من يسأله أيما أحسن عطايا عضد الدولة بن بويه أو عطايا سيف الدولة بن حمدان؟ فقال: هذا أجزل وفيها تكلف، وتلك أقل ولكن عن طيب نفس من معطيها. فتغيظ عضد الدولة عليه ودس عليه طائفة من الأعراب أوعز إليهم أن يتعرضوا له فيقتلوه ويأخذوا ما معه من الأموال". فأي "غسيل" مارسته السلطة السياسية على هذا العقل لتصرفه عن كل شيء إلا كذبتها؟ولأن مقتل "المتنبي" كان اغتيالا سياسيا، حرصت السلطة على تشويه سمعته، مرة بقصيدة بذيئة نسبتها إليه، ومرة بادعاء أنه عندما حوصر، وبعد مقتل ابنه، أراد الفرار (هكذا!) فذكره غلامه (أو عيره) قائلا كيف تفر وأنت القائل: "الخيل والليل والبيداء تعرفني.. والسيف والرمح والقرطاس والقلم"؟ فعاد وقاتل حتى قتل!ولمزيد من السخف فإن الراوي هو عبد المتنبي الذي مات معه، أو قل: مات قبله! لكن العقل العام ـ ينسى "المتنبي" الفارس الشجاع العليم بفنون القتال، وينسب إليه البذاءة والجبن، لمجرد أن السلطة السياسية أرادت ذلك!