13 سبتمبر 2025

تسجيل

الماء أصل الحياة

30 أكتوبر 2015

الماء سر الوجود وأصل الحياة، التركيب الكيميائى الفريد الذى وهب للأرض قدرتها على احتضان الكائنات الحية، الماء الذى قدسته الشعوب وقامت على ضفافه الحضارات الكبرى، وتنازعت عليه الدول والأقوام، الماء الذى وصفه الخالق جل وعلا بانه أساس لكل شيء حى (وجعلنا من الماء كل شيء حي).وللعرب منذ القدم مع الماء شؤون وشجون، فالماء الذى يشح فى الصحارى حتى يكاد ينعدم، فيموت الزرع والضرع وينتظر البشر حبة مطر كانتظار الحبيب لمحبوبه الغائب، يبثه الشكوى والنجوى، ويطلق عليه التسميات والأوصاف ويتوسل اليه بالأشعار والدعاء.وتروى لنا كتب الشعر عن اعرابية من بنى أسد تبث شكواها من انقطاع المطر وشحة الماء فى شعر جزل مفعم بالأحاسيس، حيث تقول:ألم ترنا غبنا ماؤنازمانًا فظلنا بكد البيارافلما عدا الماء أوطانهوجف الثمار فصارت حرارًاوفتحت الأرض أفواههاعجيج الجمال وردن الجفاراوضجت الى ربها فى السماءرؤوس العضاة تناجى السراراوقلنا أعيدوا الندى حقهوعيشوا كراماً وموتوا حرارًاومن شدة تقديس العرب للماء نجد الرجل يشبَه حديث محبوبته بصوت المطر المنهمر على أرض طال عهدها بالمطر حيث يستقبل راعى الابل هذا المطر بكل فرح وحبور..وحديثها كالغيث يسمعهراعى سنين تتابعت جدبًافأصــاخ مستمعًا لهويقول من فرح هيا ربًابينما يصف شاعر آخر صوت النساء العذب وحديثهن اللطيف بالماء البارد الذى يصادفه الظمآن:فهن ينبذن من قول يصبن بهمواقع الماء من ذى الغلة الصاويتقدير العرب للماء جعل منهم يتعارفون على أعراف وتقاليد عند ورود الماء، حتى ان أحدهم اذا أدرك عدوه وهو يرد الغدير أو ينبوع الماء تركه يشرب ويرتوي، قبل أن يفكر فى التصدى له، وحتى الطرائد البرية فان من المتعارف عليه بين العرب أن يتركها الصياد تشرب قبل أن يهم باصطيادها، وفى هذا يقول الشاعر المخضرم (الحطيئة ):عطاشًا تريد الماء فانساب نحوهاعلى أنه منها الى دمها أظلمافأمهلها حتى تروى عطاشهافأرسل فيها من كنانته سهمًاوقد أطلق العرب على الماء تسميات كثيرة حسب نوعه ومصدره، فالماء غير الصالح للشرب آسن، واذا اجتمعت فيه الملوحة والمرارة فهو أجاج، واذا كان به شيء من العذوبة وصالح للشرب فهو ثريب، واذا كان عذبا فهو فرات، واذا كان سهلا سائغا فى الحلق من طيبه فهو زلال، واذا كان خالصا لا يخالطه شيء فهو قراح، واذا كان باردا فهو فار، واذا كان جامدا فهو قارس، واذا كان الماء شديد الحرارة فهو حميم. واذا أراد العرب أن يطلقوا اسمًا على امرأة ذات جمال وبركة وحسن وصفاء وبياض أطلقوا عليها (ماء السماء )، والعرب اذا وصفت الماء والشراب بالصفاء قالوا كأنه الدمع وكأنه ماء قطر، أو ماء مفصل.