اليقين وراحة النفس

في ظل الصراع المادي اللامعقول واللهاث وراء متاع الدنيا الزائل نحتاج من حين إلى آخر إلى هدنة أو (بريك تايم) كما يقولون حتى تهدأ العقول وترتاح الأفئدة والنفوس. ولقد كان عامنا الحالي 2011 هو عام الحق واليقين الذى اظهر قوة الحق الإلهي في نصرة عباده، وان الظلم منتهٍ لا محالة، وان اى طغيان واستبداد حتماً سينتهي ما دام وراءه مطالب حقيقية. وهذا ما دفعني الى البحث فى ماهية اليقين وحقيقته، حيث يؤكد العلماء أن الإنسان إذا بلغ درجة من اليقين انكشف له ما لم ينكشف لغيره ممن لم يصل إلى تلك المرحلة، ومع هذا فإن اليقين له مراتب متعددة، وهنا يوجد ثلاث مراحل أو ثلاث درجات لمشاهدة الحقائق: 1 — درجة علم اليقين. 2 — حق اليقين. 3 — عين اليقين. وهذه الدرجات متفاوتة ويترقى الإنسان من علم اليقين إلى حق اليقين إلى عين اليقين. ولقد أشار القرآن إلى حصول اليقين وتقسيمه الثلاثي، ففي سورة التكاثر أشار إلى علم اليقين وعين اليقين: قال تعالى:بسم الله الرحمن الرحيم "كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ" 5 — 8 صدق الله العظيم، وفي سورة الواقعة أشار إلى حق اليقين، قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم "وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ" 94 — 95 صدق الله العظيم. وفي سورة الحاقة قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: "وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ" 50 — 51 صدق الله العظيم. ويكون السؤال الذي وجدته في عشرات البحوث التى تناولت اليقين وهو: هل يمكن أن يصل الإنسان إلى هذه الدرجات؟، وهل يصل الإنسان إلى هذه الدرجات العالية من الكشف والعيان؟ سؤال يطرح نفسه؟ ولا بد له من إجابة.. وكما ذكرنا أن القرآن الكريم تحدث عن اليقين وعن أقسامه الثلاثة كما يظهر منه أنه يمكن أن يصل إليه الإنسان في دار الدنيا، وإن احتمل بعض المفسرين أن ذلك راجع إلى يوم القيامة وعالم الآخرة، بينما الظاهر في كلام جملة من المحققين يشير إلى عالم الدنيا، وفي هذه النشأة وإليك بعض كلماتهم: قيل: اليقين: اعتقاد جازم مطابق ثابت لا يمكن زواله، وهو في الحقيقة مؤلف من علمين: العلم بالمعلوم، والعلم بأن خلاف ذلك محال. وقال بعض العلماء: اليقين وهو الحالة التي تحصل للإنسان عند كمال قوته النظرية، كما أن التقوى هي الحالة التي تحصل له عند كمال قوته العملية الإيمانية. وأجزم أن تلك الثورات أو ما يسمى بالربيع العربي جاء من يقين واقعي عملي ديني إلهي بقدرة رب العالمين على التغيير، وان الله يمهل ولا يهمل، وان له سبحانه وتعالى علمه العلوي فى أن يقصم ظهر الظالمين في الوقت الذى يشاءه سبحانه. وأخيراً هي دعوة لكل من أخذته الدنيا بعيداً ان يملأ قلبه باليقين وبمحبة الله الخالصة، وان يكون ذلك شيئاً عملياً لا نظريا وحسب، في أن تعم المحبة والخير وقيم السلام والعدل واحترام الآخر بغض النظر عن لونه وعرقه وأصله وفصله.. اللهم ارزقنا اليقين الحق، وارزقنا محبة من لدنك، إنك نعم المولى ونعم النصير. [email protected]