27 سبتمبر 2025

تسجيل

العقيدتان النووية الروسية والأمريكية أمام الامتحان

30 سبتمبر 2022

يدرك البشر جميعا هذه الأيام بأن العالم أصبح تقريبا على كف العفاريت (وليس عفريتا واحدا) وهم ينامون ويصحون يوميا على أخبار التهديدات باستعمال "النووي" بل ويرون على شاشات تلفزاتهم بعض المفاعلات النووية في أوكرانيا مهددة بما ألقي حولها من صواريخ بقصد رعبهم وترافق هذه المخاطر تصريحات منذرة بالويل والثبور وعظائم الأمور ولعل أشد الناس حكمة وعلما يهدئون من روعنا بالقول بأن العالم مر بمحطات شبيهة أو أخطر بعد استعمال السلاح الذري الأمريكي ومسح مدينتين يابانيتين من على وجه الأرض في أغسطس 1944 ثم جاء الدور عام 1961 على حصار الرئيس كينيدي لجزيرة كوبا مشترطا تفكيك صواريخ خرتشوف السوفييتية ومال المعسكر الشيوعي للتعقل وتجاوز جيلي ذلك الكابوس ورغم تعاقب الأزمات الإقليمية بين العملاقين لم نبلغ ما بلغناه اليوم عام 2022 من نذر الحروب. وفي هذا المحور حلل المرصد الاستراتيجي لموقع (عربي 21) البريطاني مختلف عناصر الأزمة فقال:"ما إن اشتعلت نيران الحرب الروسية الأوكرانية حتى اشتعلت أوروبا والعالم غلاء وشحا في طاقة الغاز والمنتجات الغذائية إلى أن بلغ التهديد عمق بحر البلطيق بقصف أنابيب الغاز الروسي الرابط بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي يوم 27 سبتمبر 2022 لكن هل ستُشعل روسيا العالم باستخدام سلاحها النووي كما يدعي الكثير من السياسيين في الولايات المتحدة؟ وأضاف خبراء المرصد "أنه كثرت في الآونة الأخيرة التصريحات الغربية حول نية روسيا استخدام ترسانتها النووية خلال الحرب في أوكرانيا وكان آخرها ما نقلته صحيفة (نيويورك تايمز بتاريخ 17 سبتمبر 2022 عن مسؤولين أمريكيين قولهم "إن هناك مخاوف من لجوء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستخدام الأسلحة النووية التكتيكية لتعديل الكفة لصالح الروس ردا على النكسات الأخيرة لبلاده في أوكرانيا". تصريحات متكررة جاء الرد عليها سريعا من قبل الكرملين الذي أكد المتحدث باسمه أن روسيا لن تستخدم السلاح النووي إلا بناء على عقيدتها النووية وهنا لا بد أن نشرح للقراء ما هي العقيدة النووية الروسية التي يهابها العالم؟ كما أوردتها وثيقة عسكرية من 6 صفحات نشرتها الحكومة الروسية بتاريخ: 2 يونيو 2020 عنوانها الرئيسي: "المبادئ الأساسية لسياسة الدولة للاتحاد الروسي بشأن الردع النووي" وفيها تعتبر موسكو أن السلاح النووي وسيلة ردع تلجأ الدولة لاستخدامها في وجه أي خطر يهدد سيادة البلاد ووحدة أراضيها وحماية مصالحها ومصالح حلفائها أيضاً كما حددت فيها مجموعة من السيناريوهات أو الشروط وفي حال تحققت فإن الرئيس الروسي لن يتردد بالضغط على الزر النووي 1) الشرط الأول امتلاك بيانات موثوقة تؤكد عزم جهة ما إطلاق صواريخ باليستية تجاه الأراضي الروسية أو أراضي حلفائها. 2) والشرط الثاني، تعرض روسيا أو أحد حلفائها لهجوم بأي نوع من أنواع أسلحة الدمار الشامل بما يشمل الأسلحة النووية الكيميائية والبيولوجية. 3) والشرط الثالث، في حال استهدفت بأسلحة تقليدية تهدد وجود الدولة يمكن لروسيا أن تستخدم ترسانتها النووية. 4) أما الشرط الرابع، فهو عند تعرض مواقع روسية حساسة إلى هجوم من قبل جهة خارجية كالمواقع الحكومية أو العسكرية من قبل عدو ما فهذه ذريعة تتيح لها استخدام السلاح النووي للرد. وطبعا لا يقتصر الخطر النووي على حرب أوكرانيا كما نعلم لأن الملف النووي الإيراني ما يزال مفتوحا وعنه قال المركز البريطاني للتحليل والرصد:" في خضم الأحداث الدولية المشتعلة نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، ظهرت تصريحات أمريكية رسمية بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي قريب مع طهران. إذ أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، يوم الإثنين، إلى أن واشنطن “ما زالت تعتقد أن هناك فرصة للتغلب على الخلافات المتبقية مع إيران في المحادثات بشأن برنامجها النووي”. في حين صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد زاده، في مؤتمره الصحفي الأسبوعي، أن طهران لن تعود إلى فيينا إلا لإتمام الاتفاق النووي مع القوى الكبرى، وأنها لن تعود لإجراء مفاوضات جديدة بل لإتمام الاتفاق النووي، ومؤكدة أن حل المسائل العالقة يتوقف على الولايات المتحدة وحدها. ونذكر أنه بعد تولي بايدن إدارة الولايات المتحدة قررت حكومته العودة غير المباشرة إلى مفاوضات الملف النووي، وذلك بعد خروجها منه في خطوة أحادية من إدارة ترامب عام 2018. ومنذ عام تقريباً بدأت مفاوضات الملف النووي بين إيران والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، في عاصمة النمسا فيينا، بهدف إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، ومشاركة الولايات المتحدة في تلك المفاوضات بشكل غير مباشر عبر الوسيط الأوروبي." وسجل الملاحظون موقف دولة قطر الصريح في هذا الملف، حيث أكد الكثير منهم (وخاصة وكالة فرنس برس) أن قطر بفضل رصيد محترم من الوساطات السلمية وبفضل علاقات الدوحة المتوازنة مع كل من واشنطن وطهران بإمكان دبلوماسيتها المتميزة أن تقوم بدور وسيط السلام والأمن في إقليم لا يحتاج إلى التوتر والتأزم.