17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا أعرف إن كان العالم بحاجة لانتظار أكثر حتى يتأكد من أن ما ترتكبه روسيا في مدينة حلب وغيرها من المدن السورية هو جرائم حرب عجزت عنها النازية في عز توحشها! والمفارقة أنه في حين بقيت جرائم النازيين في أوروبا لبرهة من الوقت بعيدة عن أنظار الإعلام (ما ساعد القادة النازيون على استمرار الجرائم قبل أن يستفيق العالم الحر ويحلق الهزيمة النهائية بالنازيين وفكرهم وسلوكهم) فإن المحرقة التي ترتكبها روسيا يتم توثيقها لحظة بلحظة والعالم لا يملك إلا الإدانة على قاعدة "أشبعناهم شتما وفازوا بالإبل". كتبت وغيري منذ عام بأن إستراتيجية بوتين قائمة على عنصرين هما التضليل وشراء الوقت حتى يتسنى حسم المعركة في سوريا عسكريا، وكل المناورات الروسية التي اتخذت من الحل السياسي عنوانا لها ما هي إلا سحابة دخان تخفي خلفها صورة قاتمة لحقيقة ما تخطط له روسيا في سوريا، فروسيا لا تريد حلا عسكريا إلا إذا حقق استسلام العالم لمنطقه وساعد في الانتهاء من أكبر عميلة تطهير طائفي شهدته المنطقة في تاريخها.ما من شك أن الغرب تواطأ مع روسيا بحجة أن مصالحه الأمنية غير مهددة، وبقدرة قادر تحول القادة الغربيون وبخاصة الرئيس أوباما إلى أقرب ما يكون إلى المحلل السياسي منه إلى الزعيم، وقد أكثر الرئيس أوباما من قوله بأن لا حل عسكريا في سوريا في حين أن بوتين يعزز من قواته ويفتك أكثر وأكثر بالمدنيين متذرعا بمحاربة الإرهاب! ويظهر جليا أن بوتين مرتاح جدا للموقف الأمريكي الذي انتهج التحليل السياسي بدلا من العمل على رفع الكلفة على تدخل روسيا، فكلما تحدث أوباما عن استحالة الحل العسكري وكلما تقاربت واشنطن مع موسكو للتوصل إلى مخرج سياسي تتدهور الجبهة مرة أخرى لتستغلها روسيا بأبشع صورة ممكنة.يبدو أن مراهنات الرئيس أوباما على لعب الروس دورا يساعد في إيجاد مخرج سياسي للأزمة ينتهي بإخراج الأسد من اللعبة برمتها ولى إلى غير رجعة، فالروس يدركون جيدا أنه لا توجد كلفة لما يقومون به في سوريا وأن الرئيس أوباما يقول ما يريد في حين أن بوتين يفعل ما يريد. وتأسيسا على ما تقدم من غير الممكن عمليا أن تتراجع روسيا عن هدفها النهائي وهو إحراز نصر عسكري حاسم حتى لو كان ثمنه حرق الأخضر واليابس، فعلى الأرض لا تخسر روسيا شيئا لأنها تمتلك الطائرات التي لا تسقط إلا بصواريخ لم يحصل عليها الثوار بفضل معارضة أمريكا.وفي ضوء ما يرجي يطرح السؤال فيما إذا كان العالم مستعدا لأن تحقق روسيا نصرا باستخدامها سياسة الأرض المحروقة؟ وهل بإمكان المجتمع الدولي عمل أي شيء من شأنه أن يلجم روسيا التي تبحث عن نصر يعيد لها مجدها الذي تكسرت أمواجه على صخور الحرب الباردة؟اللافت أن هناك جهات إقليمية بدأت تدرك ضرورة تحويل سوريا إلى مستنقع للروس وهذا ممكن عمليا فقط إن تم تزويد المعارضة بأسلحة نوعية وهنا الحديث عن سلاح مقاوم للطيران، فلو يخسر نظام بشار الغطاء الجوي الروسي فإن هزيمته على الأرض ممكنة بل وأن الحل السياسي عندها سيكون ممكنا. لنكن واقعيين، فسلاح الجو الروسي لم يجرب في الأزمة السورية، فلا نعرف قدرته على التعامل مع الصورايخ المضادة للطائرات مع أن تجربته التاريخية تشير إلى أنه ضعيف في مواجهة السلاح الغربي، فكل ما يقوم به الطيران الروسي هو التحليق وإلقاء الصواريخ والقنابل وهو لا يخشى شيئا لأن الروس يعرفون أن السلاح الرادع لهم لم يوظف بعد وبقرار غربي! ولن يكون هناك خيارات أمام روسيا في حال تزويد المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات سوى البحث عن مخرج يجنبهم إذلالا لا يريده بوتين.وعليه فإن لجم التوحش الروسي المنفلت من كل عقال يستلزم الخطة "با" التي ينبغي أن تضع نصب أعينها مسألة تسليح المعارضة بالصواريخ، عندها فقط يمكن القول إن المجتمع الدولي تمكن من رفع الكلفة على التدخل الروسي وعندها فقط يمكن للعالم أن يرفع رأسه مفتخرا بوقف هلوكوست القرن الحادي والعشرين الذي ينفذ بأيد روسية على مرأى ومسمع العالم أجمع. وباختصار شديد لنا أن نستنتج ما يفيد أن مسؤولية وضع حد للبربرية الروسية ضد العرب في سوريا لم تعد فقط مسؤولية العرب أنفسهم وإنما مسؤولية العالم لأن ما يجري هو هولوكست جديد لا يمكن لأي بلد في العالم أن تسكت عما يجري دون أن تسقط أخلاقيا.