11 سبتمبر 2025
تسجيل"عفوا أيها القانون" من الأفلام التي تحدثت عن قضية مهمة وتمس حياة كثير من الأسر، فالفيلم طرح التناقضات المجتمعية حول جرائم الرجل خاصة جريمة الزنا، فالمجتمعات العربية تتغاضى عن زلات الرجل، وأحيانا القائمون على تطبيق القانون قد يتساهلون مع جرائم الرجل وقد يجدون له الأعذار وقد يحصل على البراءة في بعض الحالات، بينما يختلف الأمر مع هفوات المرأة وجرائمها حيث قد تتعرض للهجوم ويغلظ عليها العقوبة وتوصم بالعهر والتمرد، رغم أن الإسلام لا يفرق في العقوبات بين الرجل والمرأة! تذكرت هذا الفيلم حينما كنت أقرأ خبرا حول مطالبة إحدى السيدات بخلع زوجها بحجة أنه "مبيعرفش يبوس" مما أثر على حياتهم الزوجية وأضر بمشاعر الزوجة المتعطشة للحب والاهتمام والتي حاولت أن تغيره وحتى بعد أن صارحته بحقيقة مشاعرها اتهمها بأنها غير سوية وقام بالاعتداء عليها بالضرب ووصل الأمر بالزوج إلى تشويه سمعتها في محيط عائلتها حينما طلبت الطلاق. قد تكون القضية مثيرة للسخرية والتندر لدى البعض ولكنها تتحدث عن التناقض الكبير الذي نعيشه في مجتمعاتنا التي تتعاطف مع الرجل وهفواته وحتى جرائمه، معاناة السيدة مثال حي للقانون المجتمعي الأعور وتلقي الضوء على واقع كثير من السيدات فالمجتمع الذي يغلب عليه تنزيه وتقديس الرجل يتجاهل حقيقة أن للمرأة مشاعر كالرجل تماما فحالما يعجز عن إيجاد متعته مع الزوجة قد يبادر إلى تطليقها بينما يتم انتزاع هذا الحق من المرأة بحجة العيب فحالما تقرر طلب الطلاق أو الخلع خوفا من عدم إقامة حدود الله وحتى لا تقع في الحرام تتعرض للضغوطات والحرب النفسية من قبل المحيطين بها لإجبارها على التراجع عن فكرة الانفصال ويكتفون بترديد الاسطوانة المشروخة "ظل رجل ولا ظل حيطة" متناسين الضرر الواقع عليها وإمكانية وقوعها في المحظور. قضية السيدة ومعاناتها من النبذ والهجوم الشديد عليها سواء من قبل الزوج أو من قبل عائلتها فقط لأنها قررت أن تكون صادقة مع نفسها وتبحث عن سعادتها أكبر دليل على أن ثقافة العيب تسيطر على أدق تفاصيل حياتنا فالعيب في بعض الأحيان يكون أكثر قداسة من الدين نفسه وأهم من سعادة الإنسان، رغم أن الدين الإسلامي الحنيف يراعي احتياجات الإنسان ويأمر بحسن التعامل بين الزوجين ومراعاة حقوق الزوجة وأباح الطلاق – عند استحالة العشرة - منعا للانحراف والوقوع في المحظور، فالجميع تجاهل الأسباب الحقيقية التي دفعت بتلك المرأة لطلب الخلع واكتفوا بالهجوم عليها واتهامها بأنها غير سوية ومتمردة! فالمرأة السوية – من وجهة نظرهم – يجب أن تبقى في ظل الزوج – حتى لو كان متبلدا وقاسيا - وعليها أن تتجاهل مشاعرها الحقيقية وتكتفي بالصبر ولعب دور الزوجة الصالحة حتى الرمق الأخير من حياتها ولا يهم أن كانت سعيدة أو تعيسة في حياتها الزوجية فالرجل أولاً وثانياً وثالثاً في قانونهم الأعور. هذه الأفكار البعيدة كل البعد عن تعاليم الدين الحنيف هي من أهم الأسباب التي أدت إلى تعاسة كثير من الأزواج، فثقافة العيب وعدم الشفافية بين الزوجين وضعت جدار عازل بين الأزواج، يجعلهم أشبه بالغرباء، يراقبون تصرفاتهم وحتى أفكارهم خوفا من النقد وسخرية الطرف الآخر من مشاعرهم واحتياجاتهم مما دفع ببعض الزوجات الباحثات عن الحب والاهتمام إلى الوقوع في حبال الرذيلة. صاحبة القضية من وجهة نظري مثال للشجاعة والصدق مع الذات فهي قدمت الخوف من الله على الخوف من العباد فلم تتأثر بكلام المحيطين بها ولم تجاري ثقافة العيب وتكتفي بالتمثيل ولعب دور الزوجة الصالحة أمام الآخرين وتعيش حياة مزدوجة كبعض السيدات المتزوجات وتتخذ لها عشيقا في السر، وقبل أن يهاجمني أحد بدعوى تشجيع ابغض ما حلل الله أو تبرير خيانة الزوجات عليه أن يفكر بالأسباب الحقيقية التي تدفع بالمرأة لكراهية الزوج والمطالبة بإنهاء العلاقة، فالطلاق النفسي أشد على المرأة من الطلاق الحقيقي وتجاهل مشاعرها وحقوقها قد يدفع بها لمنزلق الرذيلة، فبدلاً من سن الألسنة وإطلاق الاتهامات ونصب المشانق لأمثالها من النساء عليهم أن يتخلصوا من كمية التناقضات التي تسكن قوانينهم وأعرافهم العمياء والتي تحكم على المرأة بأن تكون أدنى من الرجل منزلة وبلا أي حقوق أو مشاعر.