12 سبتمبر 2025

تسجيل

احضن ببلاش !

25 نوفمبر 2013

يبدو أن الشتاء القارس مثير للمشاعر المصابة – في عالمنا العربي- بالجفاف العاطفي فما نكاد ننتهي من قصص العشاق الذين بدأوا في التسابق في إظهار مشاعرهم على الملأ وإعلان قصص حبهم في عدد من المواقع الاجتماعية حتى ظهرت لنا تقليعة جديدة تدعى "حملة الأحضان المجانية" أو ما يسمونها في الغرب"free hug "فقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعية بالدعوات من قبل الجنسين لممارسة العناق الجماعي ومن خلال وقفات جماعية في عدد من المدن والجامعات العربية! عندما قام أحد الشباب السعودي برفع لافتة مكتوب عليها "free hug" وسار بها في أحد الشوارع في السعودية ونشر مقطعه على موقع اليوتيوب ظننت أنها نزوة عابرة لشاب باحث عن الشهرة. لكن بعد أن شاهدت صورا ومقاطع لعدة شباب وفتيات يحاكون سلوكه الغريب حتى أن منهم من دخل الأسواق بكل جراءة ليطالب بالقبل المجانية أيقنت أننا نعاني من خلل كبير في منظومة القيم ومن غياب واضح للتوجيه وافتقاد الشباب للقدوة الحسنة. فشبابنا المتلهف لمحاكاة الغربيين في كل شيء لم يأخذ من هذه الحضارة الغربية إلا مظاهرها وطقوسها السلبية فلهث خلف بريق حضارتهم وقام بمحاكاة الغربيين في الملبس والمأكل والمسكن لكنه بالمقابل تجاهل النهل من علومهم وتمسك بقشور حضارتهم فقط. أو كما قال نزار قباني "لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية". من المثير للسخرية أن هناك من يدافع عن مثل هذه الدعوات الدخيلة علينا كمجتمعات شرقية ومحافظة ويتحجج بأنها من باب نشر السلام والمحبة بين شعوب العالم خاصة أننا نعيش في قرية كونية واحدة ولكنه ينسى أو قد يتناسى أن في ديننا الحنيف ممارسات أكثر فعالية وتدعو للألفة ونشر المحبة بين الشعوب كإفشاء السلام والابتسامة في وجه الآخرين وصلة الرحم الذي قد غفل عنه الكثيرون. فلماذا يهرولون ويلهثون وراء تقليعات الغرب وديننا الحنيف عامر بدعوات أكثر فعالية من تلك التقليعات العجيبة والتي لا تتناسب مع ديننا وقيمنا. فالعولمة لا تعني الانسلاخ من الهوية والتخلي عن القيم الخاصة بكل شعب كما يظن البعض. حملة "احضن ببلاش" أو "الحضن المجاني" أو غيرها من الحملات التي تحاكي الغرب ليست إلا مؤشرا خطيرا على البرمجة التي نعاني منها وبشدة في العالم العربي والخلل الكبير في العملية التربوية. وهذا الأمر يستلزم من الباحثين والأكاديميين الاهتمام بدراسة تلك المؤثرات الخطيرة وملاحظة التغير الحادث في منظومة القيم لتدارك الخلل وتحفيز الشباب على العمل والإبداع والاعتزاز بالهوية العربية والإسلامية.