14 سبتمبر 2025
تسجيلفى بعض الأوقات تمر بنا مواقف وأحداث قد تغير من أحوالنا فقد نعيش سنوات وسنوات على نفس الاعتقاد وأحيانا على نفس المعصيه والخطأ الى أن يمر بنا موقف يؤثر فينا ويغير من مسار حياتنا. قد نتغير للأفضل وقد يكون سبب هذا التغير موقف بسيط أو شخص بسيط، وقد تؤثر في قلوبنا دموع صادقة، أو حتى مشهد قد يثير فينا مشاعر وأحاسيس لم نكن نعلم انها تملؤنا، أحيانا كلمة من إنسان مقرب، وأوقات أخرى موت قريب أو صديق مفاجئ قد يجعلنا ننظر الى الحياة بمنظور آخر تماما. كثيرة هي المواقف التي قد تمر بنا وتعصف بنا فأحيانا نعلو الى القمة ونتخيل اننا وصلنا الى أقصى الأمانى وأحيانا أخرى تعصف بنا الدنيا بمتاعبها وآلامها ونشعر وقتها بانه ياليتنا لم نكن شيئا يذكر. قرأت منذ يومين قصة أثرت في نفسي كثيرا فوددت أن أشارككم معي.. عاد الأب لمنزله كعادته في ساعة متقدمة من الليل وإذا به يسمع بكاءً صادراً من غرفة ولده،دخل عليه فزعاً متسائلاً عن سبب بكائه، فرد الابن بصعوبة: لقد مات جارنا فلان جد صديقي أحمد،فقال الأب متعجباً: ماذا؟! مات فلان! فليمت عجوز عاش دهراً وهو ليس في سنك.. وتبكي عليه يا لك من ولد أحمق لقد أفزعتني.. ظننت أن كارثة قد حلت بالبيت، كل هذا البكاء لأجل ذاك العجوز، ربما لو أني متُ لما بكيت عليَّ هكذا! نظر الابن إلى أبيه بعيون دامعة كسيرة قائلاً: نعم لن أبكيك مثله! هو من أخذ بيدي إلى الجمعة والجماعة في صلاة الفجر، هو من حذرني من رفاق السوء ودلني على رفقاء الصلاح والتقوى، هو من شجعني على حفظ القرآن وترديد الأذكار. أنت ماذا فعلت لي؟ كنت لي أباً بالاسم، كنت أباً لجسدي، أما هو فقد كان أباً لروحي، اليوم أبكيه وسأظل أبكيه لأنه هو الأب الحقيقي، ونشج بالبكاء..عندئذ تنبه الأب من غفلته وتأثر بكلامه واقشعر بدنه وكادت دموعه أن تسقط.. فاحتضن ابنه ومنذ ذلك اليوم لم يترك أي صلاة في المسجد إلا وذهبا معا. موقف كهذا جعل الأب يغير مسار حياته بأكمله، جعله ينتبه الى أن هناك حياة أخرى هو بعيد كل البعد عنها،فهناك أوقات تمر بنا نشعر انها نهاية المطاف، نهاية الرحلة التي خلقنا من أجلها وفي الحقيقة إنها البداية بداية حياة جديدة، حياة مختلفة عن تلك التي كنا نحياها،وهناك أبواب نظن انها مغلقة لا يمكن فتحها أو الاقتراب منها وتكون تلك الأبواب هي المنفذ الوحيد للبداية. قال السعدي رحمه الله: "أي الرجلين أهدى؟ من كان تائهاً في الضلال غارقاً في الكفر قد انتكس قلبه فصار الحق عنده باطلاً والباطل حقاً؟ ومن كان عالماً بالحق مؤثراً له عاملاً به يمشي على الصراط المستقيم في أقواله وأعماله وجميع أحواله. إن الإنسان العاقل لايقول أبدا قد مر الوقت ليس هناك وقت للرجوع فالعودة قد تكون لسبب لم يكن يخطر على البال ولكن المهم أن ننتظر، نتأمل، ننظر بعمق الى كل ما يمر فى حياتنا، أن ننظر الى الحياة بقلب مفتوح فلم يمر الوقت أبدا ما دام هناك نفس، وقلبنا ينبض بالحياة. يقول دكتور مصطفى محمود " أحسن تسلية تضيع بها وقت فراغك أن تجلس وحدك في عزلة، وتغمض عينيك، وتتذكر العواطف التي شعرت بها، وكل الدوافع التي تأرجحت بينها، وكل الأفعال التي أتيتها، والكلمات التي قلتها، والنيات التي أخفيتها، ثم تحاول أن تصل إلى حقيقتك وتعرف واقعك وستجد أن واقعك سيدهشك ويفاجئك وكأنه واقع رجل آخر لا تعرفه.. وسلامتكم.