17 سبتمبر 2025
تسجيلكان لقاء قمة في موعد مع تاريخ العراق والعرب ومنطقة الشرق الأوسط تداعت إليه الأمم في بغداد وهي عاصمة الدولة ذات الأمجاد التي كانت مغيبة على مدى عقود عن المجتمع الدولي وتحولت يوم السبت 28 أغسطس إلى عاصمة اللقاءات المنتظرة بين قادة الدول الجارة والشقيقة والمسلمة إلى جانب فرنسا التي يؤهلها الاتحاد الأوروبي عادة لرعاية العلاقات الأوروبية العربية نظرا إلى تاريخ فرنسا مع العالم العربي، حيث حضر رئيس جمهوريتها السيد إيمانويل ماكرون وحضر قمة التعاون والأمن قادة في حجم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر وجلالة العاهل الأردني عبد الله الثاني وفخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وطبعا دولة السيد مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة العراقية مع جمع من رؤساء الحكومات ووزراء الشؤون الخارجية والداخلية (الكويت، تركيا، إيران). وكان الموضوع الساخن الذي تداول التشاور فيه هو كيف تتكاتف جهود الجميع من أجل إعادة العراق إلى فلك الإقليم كدولة محورية في الحفاظ على أمنها أولا وصيانة أمن المنطقة. وألقى صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كلمة افتتاحية اشتملت على جملة من الحقائق، منها أن دولة العراق حين غيبتها سنوات التطاحن الإقليمي والدولي منذ 1990 ثم منذ 2003 عن المجهودات المشتركة للسلام والأمن فقد العالم بغيابها دولة ذات تاريخ وذات أمجاد ولديها مقدرات كبرى لخدمة غايات السلام المشترك وقد آن الأوان لعودة العراق سليما معافى للتعاون معنا جميعا، نحن شركاؤه وجيرانه، حتى يتحقق ما نصبو إليه كلنا من وفاق وتضامن وسيادة وأمن. وقال سموه: تمر منطقتنا بتحديات وأزمات معروفة لــكــم، وبــعــض بــؤر الـتـوتــر فـيـهـا تشكل تـهـديـداً لـيـس فـقـط لـشـعـوب المـنـطـقـة بل أيضا للسلم والأمن الدوليين الأمر الذي يستدعي معالجة جـذور القضايا التي أفضت لبروز هذه الأزمات المتتالية. وفي هذا الصدد، نؤكد على أن وحـدة العراق، وطنا وشعبا، وتعزيز مؤسسات الدولة الـشـرعـيـة بـمـا فــي ذلـــك وحـــدة الـسـلاح الشرعي فـي ظـل سـيـادة الـدولـة هـي من أهم الخطوات في هذا الاتجاه. ولا بد أن أذكر بأن حضرة صاحب السمو كان اقترح على كل الأشقاء في الخليج سنة 2017 أن ينعقد في الدوحة مؤتمر إقليمي للأمن يخصص لتنسيق الجهود الوطنية ضمن خطة مشتركة لمقاومة الإرهاب والتصدي لممارسات المنظمات الإرهابية التي كانت في أوج أخطارها على المنطقة آنذاك مع مطالبة سموه بتحديد تعريف أممي موحد لما يسمى الإرهاب حتى لا نحشر المدافعين عن حقوقهم المغتصبة في أرض فلسطين المحتلة ضمن الإرهاب. ونحن اليوم في وضع مختلف تماما عن 2017 تغيرت فيه الخرائط السياسية بتغير التحالفات والمواقع وانعقد فيه اتفاق العلا الذي أرجع المياه الخليجية إلى مجاريها النقية الصافية بقلوب صادقة تعي اليوم مخاطر الانقسامات والمحاور وسجل العالم ذلك التغيير العميق في الإدارة الأمريكية بقدوم الرئيس الديمقراطي بايدن الذي لديه رؤية مختلفة لقضايا الشرق الأوسط أكثر توازنا وأقدر على التلاؤم مع التحولات الكبرى الطارئة على المنطقة وعلى العالم بشكل سريع. ورغم المعضلات القائمة في أفغانستان فإن الجميع أثنى على الدور القطري في رعاية مفاوضات عسيرة ومعقدة بين حركة طالبان والإدارة الأمريكية دامت سنتين في الدوحة وتوجت بانتقال السلطة إلى طالبان في ظروف قد تكون مضطربة لكنها ستؤدي إلى إنقاذ الأرواح من الجهتين في انتظار سلوك طالبان سياسات معتدلة وسلمية ستقنع المجتمع الدولي بأن أفغانستان ستنعم بالأمن والعلاقات الدولية المتوازنة والعادية. وجاء بيان اختتام قمة بغداد مؤكدا على توافق حول توحيد الجهود لحفظ أمن المنطقة وعدم التدخل في شؤون الدولة العراقية، كما ثمن المجتمعون جهود الحكومة العراقية في إطار تحقيق الإصلاح الاقتصادي وشددوا على ضرورة استمرار التعاون في مواجهة جائحة كورونا وتم الاتفاق على ضرورة تعزيز الجهود مع العراق للتعامل مع التحديات الناجمة عن التغيير المناخي والاحتباس الحراري وفق الاتفاقات الدولية ذات الصلة. وأقر المشاركون بأن المنطقة تواجه تحديات مشتركة تقتضي التعامل معها على أساس التعاون المشترك والمصالح المتبادلة، ووفقا لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام السيادة الوطنية. أهم ما حصل في بغداد تلك اللقاءات التي جمعت صاحب السمو أمير قطر بأشقائه الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري وسمو حاكم دبي، مما أعطى للقمة مكسبا إضافيا أوصد صفحات سوء التفاهم وفتح أبواب التضامن من أجل خير المنطقة والعالم. وقال البيان الختامي إن المشاركين شددوا على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية بالشكل الذي ينعكس إيجابا على استقرار المنطقة وأمنها وأقر المشاركون بأن المنطقة تواجه تحديات مشتركة تقتضي التعامل معها على أساس التعاون المشترك والمصالح المتبادلة ووفقا لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام السيادة الوطنية وجدد المشاركون دعمهم لجهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وإجراء الانتخابات النيابية يوم 10 أكتوبر القادم مؤكدين رفضهم لكل أنواع الإرهاب والفكر المتطرف بحسب البيان الختامي. كاتب تونسي [email protected]