12 سبتمبر 2025
تسجيلكوريا الجنوبية في شرق آسيا وغانا في أقصى غرب إفريقيا كان تحررهما متقاربا جدا، ولكن أين هما الآن، الأولى في أعلى السلم التنموي العالمي والثانية أسفله، والسر ذلك في السياسة التعليمية، فهي أيضا التي قادت إلى نهضة اليابان التي بدأت في عام 1953م بعد أن خرجت منهارة ومدمرة عقب الحرب العالمية الثانية، ولكنها نجحت من خلال التعليم أن تنهض وتنمو وتصبح الاقتصاد الثاني في العالم. السياسة التعليمية تعتبر جزءا مهما من السياسة العامة للدولة وبناء سياساتها التنموية الكلية، فهي لا تنفصل عنها بل تؤثر فيها وتتأثر بها، لذا فإن العنصر البشري يعد العمود الفقري في بناء المنظومة التعليمية التي ترتكز عليها كل الخطط التنموية والاقتصادية والاجتماعية وعوامل وعناصر بناء وإدارة الدولة والاتجاه بها إلى أعلى السقف العالمي في النهضة. السياسة التعليمية تعني تحديد الشكل العام للمراحل التعليمية التي ينتظم فيها المتعلم، وأهداف كل مرحلة من هذه المراحل، ومجموعة الخطط والبرامج والاتجاهات، وكذلك القوانين والقواعد والنظم والأسس العامة التي تسير على ضوئها وبهديها عملية التربية والتعليم فهي تعبر عن المجتمع، وقيمه، وعاداته، وثرواته المادية والبشرية، وعن تصوراته المستقبلية. ومن هذا المفهوم فإن العنصر البشري هو من يتأثر في الفلسفة التعليمية التي تعبِّر عن الاختيارات السياسية المستمدة من الأهداف التربوية والاجتماعية الكبرى، فالسياسة التعليمية ممكن أن تنتج جيلا متعلما ومثقفا معتز بقيمه الروحية ومتمسك بدينه، معتز بوطنه وانتمائه ساعيا لعلو شأنه محافظا على قيم تراثه وأمجاده، ولعلي استشهد بنموذج عصري استمد منه ما ذكرته في سياق مفهوم السياسة التعليمية التي تطلع بها مؤسسة قطر للعلوم والتكنولوجيا وتنمية المجتمع بقيادة الشيخة موزا حفظها الله في الارتقاء بالتعليم ونتائج ذلك ما أسميه جيل قطر الحديثة. قطر حاليا في المسار التنموي الذي يضعها في صدارة العالم من حيث الدخل الفردي، مع تقديم تعليم نوعي متقدم ومتطور يصنع كوادر بشرية مؤهلة وقادرة على تنفيذ سياسات الدولة في المجالات المختلفة، وتجربتها في هذا الشأن تختلف عن جميع الدول العربية، حيث استقطبت أرقى وأعرق الجامعات العالمية وافتتحت لها فروعا في الدولة لتقدم للأجيال القطرية أحدث التقنيات التعليمية التي يستفيدون منها في بناء الدولة، ويكفي رعاية الشيخة موزا لهذه المنظومة لتكتب في سجلات التاريخ بأحرف من نور أحد أمثل التجارب النهضوية المعاصرة التي نتوقع أن ترتفع معها قطر تنمويا بصورة تبعث على فخرنا كأمة "اقرأ".