11 سبتمبر 2025

تسجيل

الجار وإن جار

30 يوليو 2015

إن الإنسان الذي ارتوى قلبه بأدب الإسلام واستنارعقله بهدي الدين الحنيف وسار على هدي النبي صلى الله عليه وسلم سمحاً مع جاره حسن العشرة معه لطيف المعاملة، فمن سعادة المرء الجار الصالح لأنه من وسائل السعادة في الحياة فالجار جار وإن جار، فمن الأمور التي تعين على كسب و جمع القلوب حول المتحدث أو الناصح أو المربي أو الكاتب هي إخلاص النية و حسن الصلة بالله تعالى فإنها أول الوسائل التي تساعد المتحدث على جمع و كسب قلوب الناس هي إخلاص نيته لله و تنقيتها من كل شوائب وحسن الصلة بالله عز وجل فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال إني أحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله تعالى يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض) رواه مسلم، فالعبد الذي وضع له القبول يحبه الله ويتبعه حب الناس لذا فعليه أن يجيد فن التعامل مع الناس، فلتكن كالنخلة يرميها الناس بالحجارة وترميهم بالثمار. وهدي الإسلام قد أوصى بالجار حتى ظن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيورثه فللجار على الجار في القيم الإسلامية وفي الآداب الشرعية حقوق تشبه حقوق الأرحام وهو الشيء الذي يلفت النظر، فمن هذه الحقوق المواصلة بالزيارة والتهادي تعبيرا عن المودة والزيارة حين المرض والمواساة حين المصيبة والمعونة حين الحاجة وكف الأذى، لذا تتبوأ الأخلاق الإسلامية مكانة عالية ومنزلة رفيعة عظيمة، فإن حسن الخلق هو الدين كله وهو جماع لكمال الإيمان لذلك جعل رسولنا صلى الله عليه وسلم الغاية الأولى من بعثته والمنهاج المبين في دعوته هو ترسيخ مبادئ الأخلاق في نفوس الأمة فوضع المنهج للأمة في مكارم الأخلاق وحرص صلى الله عليه وسلم على توكيد هذه المبادئ العادلة حتى تعلمها أمته جيداً، فلا تهون لديها قيمة الخلق وترتفع قيمة الامتثال في أنفسهم فعن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وأشرف المنازل وأنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم )رواه مسلم، ولكن بعض المنتسبين إلى الدين قد يستسهلون أداء العبادات المطلوبة ويظهرون في المجتمع العام بالحرص على إقامتها وهم في الوقت نفسه يرتكبون أعمالا يأباها الخلق الكريم والإيمان الحق. فلذا يجب على أفراد المجتمع الحرص ما يكون سبباً للوئام والتماسك والتعاضد كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى فيخاف المرء على إخوانه ويحرص على التعامل معهم بالحسنى، فعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، فالمسلم الحصيف الواعي لأحكام دينه أحسن الناس معاملة لجيرانه وأكثرهم برا بهم وخوفا عليهم، وذلك لأنه يعي هدي الإسلام وتوصياته الغنية بالجار والمكانة الرفيعة التي أحله إياها في سلم العلاقات البشرية، فقد أمر الله تعالى في محكم كتابه بالإحسان إلى الجار، والجار ذو القربى هو الذي تجمعك به مع الجوار آصرة النسب والدين والجار الجنب هو الذي لا تجمعك به صلة من نسب والصاحب بالجنب هو الرفيق في أمر حسن، فكل من جاورك في السكن له عليك حق الجوار ولو لم يكن بينك وبينه وشيجة من نسب أو رابطة من دين، وفي هذا تكريم للجار أي تكريم في شريعة الإسلام السمحة الغراء للإنسانية، ومن هنا تأتي أحاديث الرسول الكريم تترى موصية بالجار على وجه العموم غير ناظرة إلى قرابته أو دينه مؤكدة أهمية علاقة الجوار في الإسلام فتبلغ الوصية بالجار حداً من الأهمية والخطورة يجعل الإحسان إليه والتنزه عن أذاه علامة من علامات الإيمان بالله واليوم الأخر ونتيجة حتمية من نتائجه الحسان، لذا ينبغي علينا الحرص على حقوق الجوار، فالمسلمين الذي امتلأت قلوبهم بالإيمان الصحيح بالله تعالى والذي يثمر العمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق وأحوال الدنيا وأهوال الآخرة، فلهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج ويبعد عنهم أسباب القلق والهم والحزان ومما يكون سببا في كمال الإيمان وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت) رواه البخاري.