15 سبتمبر 2025

تسجيل

ميليشيات العراق الطائفية.. وتدمير السلم الإقليمي

30 يونيو 2016

لقد أسفرت نتيجة المعارك المتنقلة الدائرة في العراق سواء في الفلوجة أو في ديالى أو بيجي أو هيت أو صلاح الدين، عن نتائج مأساوية على صعيد التآلف والانسجام الداخلي، والسلم الأهلي بين المكونات العراقية، وأفرزت انقساما واضحا وغير مسبوق منذ قيام الدولة العراقية الحديثة عام 1921!، لقد لعب العامل الخارجي والأمريكي تحديدا، دورا مدمرا ومركزيا في إدارة ملف الانقسام الوطني والصراع المذهبي بعد انهيار الدولة العراقية المركزية عام 2003 والتي كانت تدير الأمور وفق ملف وطني ليس للطائفية والمناطقية أي أثر فاعل فيه!، وهو ما تغير بعد وصول أحزاب وجماعات طائفية للسلطة !، للأسف لقد نشأت التجربة السياسية بعد الاحتلال على عوامل وصيغ وأحزاب لاعلاقة لها بالديمقراطية الحقة ولا بقيمها الوطنية، ولا بروحها المتسامية التي تتسع للجميع!، بل إنه من الصعوبة بمكان إحصاء صيغ وصور التدهور في الوضع العراقي طيلة العقد والنصف المنصرم بعد الاحتلال والذي أنتج دولة فاشلة مقطعة الأوصال. معركة الفلوجة الأخيرة شهدت صورا مرعبة لانفلات نيران وثارات الحقد بعد أن توارت الدولة خلف قناع الميليشيات!، وبعد أن أنجز قادة تلك الميليشيات مهامهم وحققوا وعودهم التهديدية بحملات الانتقام والثأر الطائفية التي جرت أمام عيون العالم أجمع ووسط انتقادات المنظمات الإنسانية الدولية والعجز المفجع للحكومة العراقية عن القيام بالتزاماتها في حماية شعبها ومنع انفلات الأوضاع، وإدارة المعركة وفق منهج حماية المدنيين! وهو الأمر الذي لم يحدث بل حدث العكس تماما، واستبيحت الدماء، وتكررت مشاهد الإعدامات العشوائية، وتم تدمير الحواضر المدنية، وتهجير العوائل الآمنة بل ومنعها من العودة لبيوتها تحقيقا لمبدأ التغيير الديموغرافي المريض الذي يحرص قادة العصابات الطائفية على تطبيقه بحرص شديد ومثير للغثيان.. والتأمل أيضا!!؟، الحديث بعد الفلوجة بات يدور علنا عن معركة الموصل القادمة!، وهي معركة تدميرية بكل معنى الكلمة وتحتاج لجهد حقيقي تقوم به الدولة من أجل إدارتها بأفضل طريقة ممكنة! إلا أن الرائد لا يكذب أهله، والخراب سيكون هذه المرة كارثيا بل يتجاوز الكارثة بكثير، فزعيم التيار الطائفي في العراق وهو هادي العامري قائد بدر المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني أطلق تصريحا عدوانيا فيه إهانة حقيقية للقائد العام حيدر العبادي بقولته الرثة من أنه لا يستطيع أي طرف في العراق منع الحشد الطائفي من المشاركة في معركة الموصل القادمة! رغم أن طبيعة المعركة وحساسيتها لا تتحمل أبدا تلك المشاركة والتي تعني أصلا بأن الحرس الثوري الإيراني هو الذي سيقودها مع كل ما يعنيه ذلك من تداعيات مذهبية واجتماعية وديموغرافية من شأنها ليس إشعال العراق فقط بل خلق بؤرة توتر إقليمية خطرة ستمتد مؤثراتها لمجمل الإقليم!، فمحور حلب- الموصل هو نقطة انفجار إستراتيجية في الشرق القديم!السلم الأهلي في العراق بعد تغول الجماعات الطائفية وفشل السلطة في كبح جماحها يتجه نحو نهايات تدميرية مرعبة نسأل الله أن يجنب المنطقة وشعوبها نتائجها الارتدادية المهولة!