12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».هذا الحديث أصل عظيم من أصول الأدب.قال بعض العلماء: جماع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» وقوله صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» وقوله صلى الله عليه وسلم للذي اختصر له في الوصية: «لا تغضب» وقوله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه».ومعنى هذا الحديث: أن من حسن إسلامه تركه ما لا يعنيه من قول وفعل، واقتصاره على ما يعنيه من الأقوال والأفعال.ومعنى يعنيه: أنه تتعلق عنايته به، ويكون من مقصده ومطلوبه، والعناية: شدة الاهتمام بالشيء.وهذا الحديث يدل على أن ترك ما لا يعني المرء من حسن إسلامه، فإذا ترك ما لا يعنيه، وفعل ما يعنيه كله، فقد كمل حسن إسلامه، وقد جاءت الأحاديث بفضل منحسن إسلامه وأنه تضاعف حسناته، وتكفر سيئاته، ففي " صحيح مسلم "، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أحسن أحدكم إسلامه، فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقى الله عز وجل».فالمضاعفة للحسنة بعشر أمثالها لابد منه، والزيادة على ذلك تكون بحسب إحسان الإسلام، وإخلاص النية والحاجة إلى ذلك العمل وفضله، كالنفقة في الجهاد، وفي الحج، وفي الأقارب، وفي اليتامى والمساكين، وأوقات الحاجة إلى النفقة.والإسلام يقتضي فعل الواجبات وترك المحرمات. وإذا حسن الإسلام، اقتضى ترك ما لا يعني كله من المحرمات والمشتبهات والمكروهات.وهذا يبلغ به إلى درجة الإحسان، وهو أن يعبد الله تعالى كأنه يراه، فإن لم يكن يراه، فإن الله يراه، فمن عبد الله على استحضار قربه ومشاهدته بقلبه، أو على استحضار قرب الله منه واطلاعه عليه، فقد حسن إسلامه، ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام، ويشتغل بما يعنيه فيه، فإنه يتولد من هذين المقامين الاستحياء من الله وترك كل ما يستحيا منه.قال بعض الصالحين: استحي من الله على قدر قربه منك، وخف الله على قدر قدرته عليك.وقد وقعت الإشارة في القرآن العظيم إلى هذا المعنى في مواضع: كقوله تعالى {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } ، وقوله تعالى: {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: من عد كلامه من عمله، قل كلامه إلا فيما يعنيه. وهو كما قال، فإن كثيرا من الناس لا يعد كلامه من عمله، فيجازف فيه، ولا يتحرى، وقد خفي هذا على معاذ بن جبل حتى «سأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنؤاخذ بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم؟» .وقال بعض الصحابة في مرضه ووجهه يتهلل: ما من عمل أوثق عندي من خصلتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وكان قلبي سليما للمسلمين.وعن الحسن: من علامة إعراض الله تعالى، عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه.