12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: «وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة». قول العرباض: «وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة » وذلك كما أمره الله تعالى: {وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا} وقال: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}، وكان صلى الله عليه وسلم لا يديم وعظهم، بل يتخولهم بها. وفي حديث ابن مسعود: «إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتخولنا بالموعظة كراهة السآمة علينا».والبلاغة في الموعظة مستحسنة، لأنها أقرب إلى إفهام المعاني المقصودة، وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورة من الألفاظ الدالة عليها، وأفصحها وأحلاها للأسماع، وأوقعها في القلوب.وقوله: «ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب»، هذان الوصفان بهما مدح الله المؤمنين عند سماع الذكر كما قال تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} وقال: {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق}.وكان صلى الله عليه وسلم يتغير حاله عند الموعظة، كما قال جابر: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خطب، وذكر الساعة، اشتد غضبه، وعلا صوته، واحمرت عيناه، كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم».وقولهم: «يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا» يدل على أنه كان صلى الله عليه وسلم قد أبلغ في تلك الموعظة ما لم يبلغ في غيرها، فلذلك فهموا أنها موعظة مودع، فإن المودع يستقصي ما لم يستقص غيره في القول والفعل.وقولهم: "فأوصنا" يعنون وصية جامعة كافية، ينفعهم بها التمسك بعده، ويكون فيها كفاية لمن تمسك بها، وسعادة له في الدنيا والآخرة.وقوله صلى الله عليه وسلم: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة» فهاتان الكلمتان تجمعان سعادة الدنيا والآخرة.أما التقوى فهي كافلة بسعادة الدنيا والآخرة لمن تمسك بها، وهي وصية الله للأولين والآخرين، وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين، ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم.وقوله صلى الله عليه وسلم: «وإن تأمر عليكم عبد وفي رواية حبشي» هذا مما تكاثرت به الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قيل: إن العبد الحبشي إنما ذكر على وجه ضرب المثل وإن لم يصح وقوعه.وقوله -صلى الله عليه وسلم: «فمن يعش منكم بعدي، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ». هذا إخبار منه -صلى الله عليه وسلم- بما وقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه، وفي الأقوال والأعمال والاعتقادات.وفي هذا الحديث أمر عند الافتراق والاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده. وفيه دليل على أن سنة الخلفاء الراشدين متبعة، كاتباع سنته، بخلاف غيرهم من ولاة الأمور.وإنما وصف الخلفاء بـ"الراشدين"، لأنهم عرفوا الحق، وقضوا به، فالراشد ضد الغاوي، والغاوي من عرف الحق وعمل بخلافه.وفي رواية: "المهديين" يعني: أن الله يهديهم للحق، ولا يضلهم عنه.وقوله: «عضوا عليها بالنواجذ» كناية عن شدة التمسك بها، والنواجذ: الأضراس.قوله: «وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة» تحذير للأمة من اتباع الأمور المحدثة المبتدعة، وأكد ذلك بقوله: كل بدعة ضلالة والمراد بالبدعة: ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه، فليس ببدعة شرعا، وإن كان بدعة لغة.