01 نوفمبر 2025
تسجيلإن الإسلام جاء بأحكام عدة تبين حدود التعامل مع الحيوان تنطلق من شمول الإسلام وكماله، وتتصف بالرحمة التي تميزت بها هذه الشريعة الغراء ،فقد خلق الإنسان وكرمه وسخر له الحيوانات لتخدمه في قضاء حوائجه، فيستفيد من لحومها وألبانها ويرتدي الملابس من أصوأفها وجلودها ويتخذ من بعضها زينة، فقد دعا الدين الإسلامي إلىالرحمة في كل شيء حتى للحيوان، فبينما رجل يمشي بطريق إذِ اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى منَ العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب منَ العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب، فشكر الله تعالى له فغفر له فقالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: (في كل ذات كبدٍ رطبة أجر) رواه البخاري، لذلك عرف المسلمون مفهوم الرفق بالحيوان وطبقوه في حياتهم في زمان كانت تنتهك فيه حقوق الإنسان فضلا عن الحيوان بأنواع شتى من الانتهاكات، كالاستعباد والقهر والوأد وغير ذلك، وكان للمسلمين قصب السبق بعشرات القرون لعملهم بتلك الأحكام، علما بأنه لم يتنبه غيرهم لهذا الأمر إلا في أزمنة متأخرة، فأنشئت فيهم المؤسسات والهيئات والمنظمات لحماية الحيوان ورعايته، فعليكم بتقوى الله عز وجل فمن يتقي الله يجعل له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ويجعل له من أمره يسرا ويجعل له العسير يسيرا ويؤتيه خيرا كثيرا.فإن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وفضله على كثير ممن خلق فاستخلفه في الأرض يعمر ويبني فما أجمل أن يعمر الإنسان نفسه بالطاعة والذكر ويبني أفراد أسرته على أسس القرب والطاعة، عندئذ يكون هذا الإنسان جديرا بحق بان يكون وكيلا عن الله في الأرض يقيم فيها موازين العدل ويرسي دعائم الحق ويزرع الخير الذي تعود ثمرته على الآخرين وهذا ما ينبغي على هذا الوكيل أن يفعله إلى آخر نفس في حياته وإلى يوم القيامة، فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: أن امرأة دخلت النار لأنها حبست قطة ومنعتها من الطعام والشراب، فقال: (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدْعها تأكل من خشاش الأرض) متفق عليه، فهدي الإسلام يحرم إجاعة الحيوان وتعريضه للضعف والهزال، فقد مر النبي عليه الصلاة والسلام ببعير قد لصق ظهره ببطنه، فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة وكلوها صالحة، كما يحرم إرهاقه بالعمل فوق ما يتحمل فلقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بستانا لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح دموعه ثم قال: من صاحب هذا الجمل؟، فقال صاحبه: أنا يا رسول الله، فقال له عليه الصلاة والسلام: (أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتؤذيه)رواه أبو داود، أي تتعبه بكثـرة استعماله. ليس أدل على رقي الأمة وجدارتها بالحياة واستحقاقها لقيادة العالم، مِن سمو النزعة الإنسانية في أفرادها سموا يفيض بالخير والبر والرحمة على طبقات المجتمع كافة، بل على كل من يعيش على الأرض من إنسان وحيوان، وبهذا المقياس تخلد حضارات الأمم، وبآثارها في هذا السبيل يفاضل بين حضارتها ومدنيتها، وأمتنا بلغت في ذلك الذروة التي لم يصل إليها شعب من قبلها على الإطلاق و لم تبلغ ذروة السمو الإنساني الخالص لله عز وجل كما بلغته أمتنا في عصور قوتها ومجدها، فأين أنت في أيام رمضان وصيام الأبناء وتعليمهم قيم الإسلام وآدابه التي تحث على الرحمة بكل شيء حتى الرحمةبالحيوان.