02 نوفمبر 2025

تسجيل

نعمة أم نقمة

30 يونيو 2014

إن الحق سبحانه وتعالى أهلَّ علينا هلال رمضان أعاده الله على الأمة الإسلامية بالخير والبركات ومزيد من الأمن والأمان ،فجعله لنا موسما للطاعةوالقرب من الله تعالى ففرض علينا صيامه وسن لنا قيامه وأمرنا بالصيام والقرآن والإحسان ,فالإنسان هو الكائن الوحيد في هذا الوجود الذي نفخ الله فيه من روحه، وقد كانت هذه النفخة الروحية الإلهية هي مناط التكريم الذي حظي به الإنسان ومن أجل ذلك طلب الله سبحانه وتعالى من الملائكة أن يسجدوا لآدم تكريما له ليس لأنه خلق من طين ولكن لأن الله قد نفخ فيه من روحه ,فكان هذا التكريم الذي جعله للإنسان سببا في استخلافه في الأرض وتعميره لها ببقاء النوع الإنساني، فطاعة الخالق هي الأصل الذي جاءت به الشرائع السماوية جمعاء ودعت إليه كل الديانات السماوية على لسان الرسل والأنبياء الذين بعثهم الله عزوجل منقذين البشرية من الظلمات إلى النور وخير معلم للبشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يعلمنا قوة اليقين في الله فيقول : منصام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ولقد قال الله تعالى:(يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم . تتقون) البقرة ١٨٣ فإن جميع الرسل والأنبياء جاءت دعوتهم متفقة على مبدأ واحد وأصل ثابت وهو الدعوة إلى الإيمان بالله عزوجل الواحد القهار ،ووضعت لذلك أسسا وشرائع من عبادات ومعاملات تقوم عليها سعادة البشرية ،فبهذا الإيمان تستطيع هذه البشرية التي استخلفها الله تعالى في الأرض أن تعيش في سعادة وأمان ويتحقق لها الرخاء والطمأنينة، فإن بناء الرجال الذين تفخر بهم الأمة يقوم في حقيقته على الاهتمام ببناء النفس والعقل فما قيمة جسدليس في قلب صاحبه إيمان وعقيدة، وما قيمة صورة لا يحمل صاحبها مبادئ ولا قيم، فإن الإنترنت هذا الاختراع العجيب الذي ولع به الشباب والشيوخ، لهو التقنية التي غلبت على حديث الناس الذين يبحرون في مواقعه ويتجولون في جنباته بالساعات ،لذا يعتبر الإنترنت لدى البعض ضرورة ومطلبا وحقا لكل شخص كالماء والهواء، ويعتبره البعض مجرد مضيعة للوقت وإهدار للعديد من العادات المهمة ، وسوف نتناول من خلال هذه الصفحات المباركة آفات التواصل وأنها إما أن تكون نعمة أونقمة.فلقد فتن الشباب اليوم بالإنترنت وولعوا به ولعا شديدا فأصبح جل حديثهم عنه وعن ارتياد مواقعه والإبحار فيه، والجلوس في صحبته الساعات الطوالدون كلل أو ملل ،وهذا يدعونا للتأمل في محاسنه ومفاسده حتى نكون على بصيرة من أمرنا، فإن استشعار المؤمن أن الجنة محفوفة بالمكاره يتطلبمنه همة عالية تتناسب مع ذلك المطلب العالي للتغلب على نفسه وملذاتها، مع تنقية تلك الهمم من كل شائبة تجره إلى الفتنة والمعصية،وإنما تفاوت الناسبالهِمم لا بالصور والله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم,وحتى يصل الإنسان إلى هذه المرتبة فإن عليه أن يعمل على استقامةصلته بنفسه وبالله وبالناس وبالعالم الذي يعيش فيه , الأمر الذي يؤدي إلى أن يصبح بحق جديرا بأن يكون وكيلا عن الله في الأرض يقيم فيها موازينالعدل ويرسي دعائم الحق ويزرع الخير الذي تعود ثمرته على الآخرين. وهذا ما ينبغي على هذا الوكيل أن يفعله إلى آخر نفس في حياته وإلى يوم القيامة،فلا يشتغل المرء إلا بما يكسب من العلا ولا يرضى لنفسه بالهلاك، فالناس مختلفون في بناء أنفسهم وتأسيسها وتربيتها اختلافا بينا، يظهر ذلك جليافي اختلافهم في استقبال المحن والمنح،والإغراء والتحذير والنعم والنقَم والترغيب والترهيب،والفقر والغنى فمنهم سابق للخيرات وهو من أسَّس بنيانهعلى تقوى من الله ورضوان فربى نفسه على الطاعة والقرب وأدبها في البعد عن المعاصي والملذات، فهذا لا تضره فتنة ولا تزعزعه شبهة ولا تغلبه شهوة وإنما يزن الأمور بميزان الطاعة فهو يتق الله ويطمع في رحمته.