13 سبتمبر 2025

تسجيل

عصر داعش

30 يونيو 2014

تتدحرج كرة النار بسرعة في العراق ضد المقاومة التي تتشكل من المسلمين العرب العراقيين والتي يقاتل دفاعا عنهم أبناء العشائر وبعض مسلحي الفصائل المسلحة وعلى رأسهم بالطبع مقاتلو "الدولة الإسلامية في العراق والشام" والمعروفة إعلاميا باسم "داعش".كنت ولازلت أؤمن أن تنظيم "داعش" مبهم وغامض ويثير الشك، وهذا الموقف لا علاقة له بالحب والكراهية، لأنه ينبع من استقراء الواقع والوقائع، حتى بالمقارنة مع تنظيم القاعدة، ففي الوقت الذي لا نعرف فيه شيئا عن "داعش"، فإننا كنا نعرف الكثير عن القاعدة، وكنا نسمع لخطب قادتهم وأنصارهم وقياداتهم الميدانية في المساجد أو من خلال أشرطة الفيديو أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الخاصة بهم، وهذا ما ينقص داعش التي لا نعرف قيادتها ولا استراتيجيتها ولا أهدافها، فهو عبارة عن تنظيم "غريب عجيب" يقاتل ضد المالكي في العراق ويسيطر على الأرض، وفي ذات الوقت يقاتل الثوار في سوريا بدل أن يقاتل النظام.تنظيم "داعش" يثير القلق بنفس القدر الذي تثيره الأنظمة الدكتاتورية الاستبدادية الطائفية التي تعيث في الأرض فسادا، فمن الجنون أن يكون الخيار في العراق، المالكي أو داعش، كما أنه من الجنون أيضاً أن يكون الخيار في سوريا، الأسد أو داعش. فالنظامان اللذان يحكمان العراق وسوريا إرهابيان مجرمان طائفيان ملطخة أيديهما بدماء آلاف الأبرياء، لكن البديل "الداعشي" هو الآخر لا يقل خطورة عن هذه الأنظمة الإجرامية، وهو ما عبر عنه قيادات في تنظيم القاعدة مثل الدكتور ايمن الظواهري ومنظر التيار الجهادي أبو محمد المقدسي وأبو قتادة وغيرهم بل ذهب القيادي أبو قتادة إلى اعتبارهم "خوارج من كلاب أهل النار".الخطير في معركة داعش والمالكي وداعش وثوار سوريا أنها تؤدي إلى نتيجة تدميرية على الشعبين السوري والعراقي، فتنظيم داعش وجه سهاما مسمومة للثورة السورية وأنهك الثوار في قتال جانبي بدل التصدي لنظام الأسد الإرهابي، وهو بلا شك سيصطدم مع القبائل العربية العراقية المسلمة في مرحلة من المراحل، وقدم المبرر لتشكيل التحالف العلني الإيراني الأمريكي ضد المسلمين العرب في العراق وأقنع دولا عربية بالانضمام إلى هذا الحلف ضد القبائل العربية العراقية المسلمة، تحت شعار التصدي "لإرهاب داعش"، وهو ما وضع المسلمين العرب في العراق وحدهم في مواجهة هذا التحالف الذي انضمت إليه روسيا أيضا، بعد أن أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف روسيا لن تقف مكتوفة اليدين أمام الهجوم الذي يشنه تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام، وروسيا لن تبقى مكتوفة اليدين إزاء محاولات جماعات بث الإرهاب في دول المنطقة.. الموضوع خطير للغاية في العراق وخطر على أسس الدولة العراقية". وبهذا يعلن انضمام روسيا رسميا للحرب على "داعش"، الذي يخوضها التحالف الشيعي العراقي مدعوما بقوات من فيلق القدس ضد الثوار العراقيين من المسلمين العرب ودخلت أمريكا على الخط بإرسال مستشارين عسكريين وطائرات من دون طيار قصفت مبنى رئاسة الصحة في الموصل وأوقعت قتلى وجرحى، ولا نعرف حتى الآن ماهية الطريقة التي سينتهجها الروس في حربهم على "داعش" التي تعني الحرب على الثورتين في العراق وسوريا.دائرة الحرب تتسع يوما بعد يوم وهي لن تقف عند أية حدود، والواضح أن الأمور خرجت عن السيطرة تماما وأن انتقال الحرب في العراق إلى الجنوب الشيعي هي مسألة وقت لا أكثر، وأن انتقالها إلى خارج الحدود العراقية محتملة جدا وإن كان البعض يعتبرها مؤجلة...