16 سبتمبر 2025

تسجيل

تجهيز الطالب لمهنة المستقبل

30 مايو 2021

رؤية قطر 2030 تتضمن ركيزتها الأولى تطوير وتنمية سكان دولة قطر ليتمكنوا من بناء مجتمع مزدهر ؛ أي صناعة الإنسان ليكون فاعلا في المجتمع القطري. هذه الرؤية هي جرس البدء للعمل المتميز في بناء جيل فارق يقع على عاتقه مسؤولية وطن. إن الإعداد المبكر في الناشئة، يثمر حتما تخصصا وتميزا. كل واحد منا لديه ميول نحو امتهان عمل معين في المجالات المختلفة كالمجال الطبي أو الهندسي أو الأدبي أو الأمني أو الاقتصادي أو الإداري أو التقني وغيرها العشرات من المجالات المهنية التي يمكن لنا الاختيار منها. تلك المجالات تخلق لدى الفرد بيئة محببة للإنتاج والعطاء وإثبات الذات. ويمكن أن يكون التنافس والنجاح سمة من سمات هذا الاختيار، والذي يعتمد عليه أمور كثيرة مثل الاختلاف ما بين حقول الأبناء الذكور وحقول البنات، وكذلك الحقول المشتركة بينهم في العمل. المخطط الإستراتيجي يعمل على تشغيل خطة وطنية في إعداد المهنيين المحترفين. وهذا يتطلب تدريبا علميا وعمليا خلال فترات زمنية تمتد ما بين سنة كحد أدنى وتستمر لسنوات. في الاتحاد السوفيتي السابق، كان الطالب يتعرض لفحص الميول المهنية منذ الصف الثالث الابتدائي بعمر 10 سنوات، ثم يحفظ نتائج هذا المقياس في ملفه الخاص، ويتعرض لاختبار الميول المهنية في الصف السابع، وهو تقييم أكثر تخصصا وعمقا، وبناء على الاختبارين يتم اتخاذ قرار بتوزيع مجموعات الطلاب للدراسة منذ الصف الثامن. وتستمر دراسته إلى نهاية الصف الحادي عشر في تخصص معين كالفلك والفضاء والعلوم والآداب والحرف اليدوية. بعدها يتخرج الطالب من الثانوية وهو يحمل كافة أصول المهنة وقد تدرب عليها لساعات وافرة قبل التخرج. وتوجد في بعض الدول العربية الثانويات الصناعية أو التجارية أو الزراعية. وهي بالرغم أنها محدودة أو النظرة لها لا ترقى إلى نظرة المجتمع للثانوية العامة، إلا أنها تلعب دورا لا يستهان به متى ما تم تطبيق لوائح هذا النوع من التعليم على أصولها. ويوجد حاليا توجه عالمي نحو التعليم المهني خاصة في ظل النظام العالمي المرتقب الذي بدأ في مقدماته مع انتشار جائحة كورونا. في تقرير مستقبل الوظائف لعام 2018: توقع المنتدى الاقتصادي العالمي أنه سيتم إلغاء 75 مليون وظيفة هذا العقد مع خلق 133 مليون وظيفة لتحل محلها. تندرج هذه الوظائف البديلة في فئات مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والتصنيع الإضافي وXR والوسائط والترفيه. إذن ماذا يعني ذلك بالنسبة للتعليم العالي اليوم؟ كيف يشكل هذا التوقع منهج التعليم العالي الآن، وما الذي يمكن للمؤسسات القيام به لإعداد طلابها لوظائف المستقبل؟ يتسابق العالم حاليا إلى تغيير دفة البوصلة نحو التعليم المهني، واختيار المهن المستقبلية الأعلى نموا والأكثر الحاحا. فلقد كان في الماضي القريب الالتحاق بكلية مرموقة والدراسة فيها لمدة أربع سنوات كافياً للنجاح الوظيفي والحياة. واستمرت هذه النظرة لعقود من الزمن، ولكن لسوء الحظ، فإن هذا النهج لن يصلح في المستقبل. أدى صعود الذكاء الاصطناعي إلى قلب النموذج الخطي التقليدي للتعليم والتوظيف والمهنة رأسا على عقب وأثار تساؤلات حول قدرات مؤسساتنا التعليمية على تدريب الطلاب ليس فقط على الوظائف الموجودة، ولكن أيضًا للوظائف المستقبلية غير الموجودة حتى الآن. هل يقوم النظام التعليمي بتعليم الطلاب كي يصبحوا مصنعي سيارات أو منتجي طائرات أو مسؤولي عن مخاطر الآلات؟ ماذا عن تعليمهم إنقاذ العالم من خلال تدريبهم كي يصبحوا متنبئين بالكوارث الإلكترونية ؟ قرأت عن نتائج مؤتمرات اقتصاديات التعليم: وتبين أنه سيتم تحديد وظائف المستقبل من خلال الأدوات الجديدة للتجارة (AI، AR / VR، IoT)، والتي سيكون لها تأثير كبير على مستقبل العمل، ومع ذلك فإن 25 ٪ فقط من طلاب التعليم العالي حاليا لديهم مهارات للعمل الأساسية والتفاعل مع التقنيات الرقمية الناشئة. بل وللأسف ما زال بعضنا يعد الطلاب بالكم المعلوماتي. وترى دولة قطر أن التحضير للعمل المستقبلي أولوية تعليمية لدرجة أنها لم تغفل حتى أولئك الفئة من ذوي الإعاقات المختلفة في توفير التأهيل المهني لهم في المرحلة الثانوية. آخر المطاف: قد يتطلب التوجه الحديث تحولات دراماتيكية في التعليم العام والجامعي. ويجب على جامعة قطر على وجه الخصوص والجامعات المحلية الأخرى وكافة مؤسسات التعليم العالي اتخاذ ثلاث خطوات فورية لضمان إعداد الطلاب لوظائف مستقبلية: اعتماد التعليم القائم على المهارات. واعتماد المرونة في التعليم لمواجهة أي طوارئ. تسارع التعليم ليكون وثيق الصلة بالمهن المستقبلية. همسة: القرارات التي تصنعها الكرامة صائبة حتى وإن أوجعتك. دمتم بود. [email protected]