15 سبتمبر 2025
تسجيلالكرم خُلق عظيم من أخلاق الإسلام ويعدُّ من أفضل مكارم الأخلاق، وجميل الخصال التي تحلَّى بها الأنبياء، وحثَّ عليها المرسلون. فمَنْ عُرِفَ بالكرم عُرِف بشرف المنزلة، وعُلُوِّ المكانة؛ ودلالة على الأصل الطيب والجذور العريقة والنسب الكريم. فالكرم والجود من الخصال العظيمة، وهو صفة من صفات الصالحين، فهذه الصفات تسُود بها المشاركة والإيثار والبذل والمحبَّة والمودَّة والرحمة في المجتمعات، وبها يكون التآزر والتعاون والتضامن بين الناس. والكرم والجود متلازمان لهما معنى متقارب، فالجود: صفة تحمل صاحبَها على بذل ما يَنبغي من كل وجوه الخير بغير مقابلٍ ولا غرضٍ دنيوي. والكرم: إنفاق المال الكثير بسهولة من النَّفس في الأمور الجليلة القدر، الكثيرةِ النَّفع. والكريم من أسماء الله تعالى والجود والكرم من صفاته عز وجل؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله جواد يحبُّ الجوادَ، ويحب معاليَ الأخلاق، ويكره سَفْسافها))[صححه الألباني]. فما من نعمة يمنُّ الله تعالى بها على عباده إلَّا وهي من محض فضله وجوده، وكرَمه وإحسانه. قال سبحانه: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53]، وقال عز وجل: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨]. وقد كان رسولنا الكريم مثلًا عظيمًا وقدوةً حسنة في الكرم والجود والبذل والإحسان؛ فقد جاء في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه أنَّ رجلًا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم غنمًا بين جبلين فأعطاه إيَّاه، فأتى قومَه فقال: أيْ قوم، أسلِموا؛ فوالله إنَّ محمدًا ليُعطي عطاءً ما يخاف الفقر، فقال أنس: "إنْ كان الرجل ليُسْلِم ما يُريد إلا الدنيا، فما يُسْلم حتى يكونَ الإسلام أحبَّ إليه من الدنيا وما عليها". يدخلون الإسلام لأجل الفوز بكرم النبي وعطائه فيملك الإسلام شغاف قلوبهم لِمَا رأوْا من رسوله صلى الله عليه وسلم من الكرم والجود والزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله من الجزاء. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو كان لي مثلُ أحُدٍ ذهبًا ما يسرُّني أنْ لا يمرَّ عليَّ ثلاث وعندي منه شيء، إلا شيء أرْصُده لدَيْنٍ)). وفي الصحيحين عن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أجودَ النَّاس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كلِّ ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أجوَدُ بالخير من الرِّيح المرسَلة)). وها هو رمضان شهر الجود والكرم فلنقتدِ برسولنا الكريم في هذا الشهر المبارك، فوجوه الإنفاق كثيرة والفرصة كبيرة والأجر مضاعف، تفقدوا الفقراء والمحتاجين والمرضى وأصحاب الأعذار في رمضان أغنوهم وأعينوهم على طاعة الله، تفقدوا أصحاب الأعمال البسيطة الذين تكثر عليهم التزامات ومصروفات رمضان، ساعدهم بمالك وخفف عنهم مشقة البحث عن عمل إضافي لتوفير احتياجات أسرهم. فلنجعل الجميع يسعد برمضان ويستمتع بطاعته، يجب أن نتعاون فيما بيننا وليَكُن شعارنا البذل والإيثار والجود والكرم. كن كريمًا جوادًا في رمضان ليضاعف الله لك أجر طاعتك وتنعم بحب إخوانك لك. اللهم يا كريم أغدق علينا من كرمك وجودك ما يجعلنا من الكرماء على عبادك في كل وقت وحين. اللهم آمين.