12 سبتمبر 2025

تسجيل

الشرق وتطاحن الشعوب والجيوش؟

30 مايو 2016

في المجازر الدموية التي تشوه وجه الشرق المعاصر، وترسم ندوب وأحقاد وثارات لن تنتهي في صفحات المنطقة المتورمة بصيحات الثأر العشائرية والطائفية، تتلخص قصة معاناة شعوب عريقة تعاني اليوم من نتائج حروب ومعارك فوضوية مغرقة في سورياليتها الرثة، وعدميتها، ففي زمن الثورات والانتفاضات والتمرد على قوالب الماضي الجامدة وإشكالياته المرهقة، وجدت شعوب الشرق العريقة نفسها وسط موجات هائلة من التحديات والملفات التي كان بعضها مختفيا خلف غبار القرون! فبين خط الموت العربي المشرقي الواصل بين حلب السورية والفلوجة العراقية تدور رحى معارك وحروب وعمليات قتل مروعة لا تستهدف المسلحين فقط، بل تشمل ببركاتها التدميرية الرثة آلاف المدنيين من الذين وجدوا أنفسهم وسط براكين الغضب وأمواج الموت النارية على غير إرادة منهم، في الشرق العربي اليوم تجري فصول ودماء عديدة تحت كل الجسور والمواقع، بعد أن تشابكت الملفات وأضحت سيناريوهات الهيمنة والتمدد من خلال إرسال الجيوش لقمع الثورات الشعبية هو المنهج المفضل للأنظمة المتحالفة على ترسيخ الباطل، وممارسة البلطجة ضد الأحرار، لقد تورط الجيش الإيراني بشكل مباشر في الحروب الأهلية الدائرة في العراق والشام، كما قدم الإيرانيون دعما لوجستيا وتمويليا وتسليحيا هائلا لحلفائهم في الحرب الأهلية اليمنية، وفي معارك خان طومان بريف حلب الجنوبي مؤخرا قدم الإيرانيون خسائر بشرية موجعة عبرت عنها اتهاماتهم لأطراف إقليمية بالتدخل في إدارة الحرب السورية.أما في العراق وحيث يقع خط الدفاع الإيراني الأول والأخير وفقا لرؤية صانع القرار الإستراتيجي الإيراني، فإن التورط والانغماس هناك قد أخذ أبعادا أكثر من تراجيدية!، فلقد أعلنت إيران رسميا من خلال قادتها العسكريين في الحرس الثوري وفي فيلق القدس تحديدا بأن المعركة في الفلوجة هي معركتها المباشرة وهي المعنية بنتائجها المباشرة أيضا!، لذلك كان التركيز الإيراني الملح على إرسال المستشارين العسكريين بقيادة جنرالهم اللواء قاسم سليماني! والذي حرص على الظهور العلني والتصوير مع مقاتلي الحشد الطائفي العراقي حول الفلوجة وفي منطقة (الكرمة) تحديدا، رغم أن سليماني رسميا وقانونيا ممنوع من السفر دوليا خارج إيران ضمن مسلسل العقوبات الأمريكية!، إلا أن حكومة حيدر العبادي لا تملك القدرة على مقاومة ضغوط وقوة الجماعات المسلحة ضمن الحشد الطائفي والتي تدين بالولاء العلني والمطلق للنظام الإيراني، وسليماني هو مندوب الولي الفقيه الذي لا ترد أوامره!!، إذن فإن المعركة في العراق قد دخلت ضمن آفاق الولاء الأيديولوجي المحض!، مما جعلها ذات طابع خاص وخاص جدا وتتعلق مفرداته بإدارة أوضاع عراقية هي غاية في الدقة والتعقيد. ومعركة الفلوجة تبني على نتائجها جماعات الحشد الطائفي آمالا كبيرة جدا في تعزيز وجودها المستقبلي وفي خطتها المستقبلية للهيمنة على الوضع العراقي بل والانفراد به! فليس سرا معرفة حقيقة هدف جماعات الحشد تتمثل في توفير الظروف البيئية المناسبة لإعلان إشهار مؤسسة (الحرس الثوري العراقي)! والذي يمثل قمة النجاح الإيراني في العراق؟، ما يجرى من ترتيبات وخطط وبرامج يجعل من معركة الفلوجة واحدة من أصعب المعارك في تاريخ الصراع العراقي، فللمدينة رمزيتها القوية في مقاومة الاحتلال الأمريكي، واستباحتها من قبل جماعات الحشد سيعقد الوضع العراقي وسيضيف متاعب حقيقية للعملية السياسية الكسيحة أصلا، وستكون له مؤثرات ستمتد نتائجها لخارج العراق، وعلى الحكومة العراقية تحمل مسؤولياتها في الدفاع عن دماء العراقيين كافة في هذا الظرف الصعب وعدم الاستعانة بجيوش الخارج والتي ستكون النعش الأكبر الذي سيدق في مسمار العراق الموحد! تحديات صعبة، ودماء متدفقة، وجيوش تتصارع، والمنطقة في أسوأ حال.. فتنبهوا واستفيقوا أيها العراقيون...