10 سبتمبر 2025

تسجيل

إيران وحلم الإمبراطورية القديم

30 مايو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران، قامت دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والكويت، بتسخير كل إمكاناتها لدعم العراق في مواجهة طهران، خوفًا من سقوطه، وتمدد النفوذ الإيراني في المنطقة العربية عبر بوابة بغداد، وقد نجحت الحرب حينها في تحقيق هذا الهدف، ولكن اليوم وبعد مرور كل هذه السنوات، هاهم القادة العسكريون الإيرانيون، وميليشياتهم المسلحة، موجودون في العراق، ويحاربون فيها، كما هو الحال في سورية، وربما يخيل للبعض بأن المشهد اليوم في صالح إيران، وبأن نفوذها في المنطقة أصبح أمرًا واقعًا، ولكن في حقيقة الأمر، فإن هذا النفوذ الإيراني وقتي ولا يمكن استمراره، وهناك جملة من المعطيات تمنع إيران من التحول إلى دولة قائدة في المنطقة العربية، أهمها المعوق اللغوي والقومي، فمن الصعب على إيران الفارسية أن تصبح دولة قائدة في منطقة معظم سكانها من العرب، فالوضع هنا لا يقارن بمصر الناصرية، وقدرة الزعيم ناصر حينها على التأثير في الجماهير العربية، من خلال سياسته المواجهة لإسرائيل، خصوصًا بعد العدوان الثلاثي، وعن طريق وسائله الإعلامية وأهمها صوت العرب. كثير من العرب اليوم في الخليج لا يصلهم الخطاب الإيراني بسبب هذا الحاجز اللغوي، وهناك أيضًا حاجز قومي يمنع الشعوب العربية، خصوصا في دول الخليج من قبول فكرة الهيمنة أو القيادة "الإيرانية"، فالصورة النمطية لإيران، أنها دولة الفرس التي فتحها القادة العرب المسلمون في معركة القادسية. وليس هناك قبول لدى العرب بفكرة استعادة أمجاد "كسرى فارس" على حسابهم، فالتاريخ يُستحضر هنا. والأهم من ذلك، هناك المعوق المذهبي، فإيران دولة يحكمها نظام "ثيوقراطي" ديني مذهبي، وقد ارتبطت منذ قيام ثورتها في عام 1979، بالمذهب الشيعي الاثنى عشري، وهو ما يعتبر معوقًا أمام إيران لتحقيق فكرة الهيمنة في المنطقة العربية والإسلامية، فالمسلمون معظمهم من السنة، ولا يشكل الشيعة سوى أقلية في العالم الإسلامي، وهي حقيقة تمنع إيران من تحقيق حلمها "الإمبراطوري"، كما أن المذهب السائد في السعودية هو المذهب الحنبلي، الذي ينتمي له معظم الأفراد في الخليج والجزيرة العربية، ومن يرجع إلى كتابات رواد هذا المذهب مثل ابن تيمية وابن عبد الوهاب، يجد موقفًا غير جيد تجاه الشيعة، ولا شك بأن هذه الأفكار مازالت حاضرة لدى المنتمين لهذا المذهب، وهو ما يصعب من تحقيق فكرة الاندماج أو التوافق مع إيران، فما بالكم بفكرة الهيمنة أو القيادة الإيرانية. هناك أزمة ثقة، ليس فقط بين القادة في دول الخليج، بل أيضًا بين المكون السني في هذه المجتمعات، وإيران، وقد تعمق هذا الشعور السلبي تجاه إيران، بعد تطورات الوضع في سورية والعراق واليمن، والتي أخذت صبغة طائفية واضحة، ولا شك بأن تطور وسائل الاتصال أسهم في تعميق الفجوة بين الطرفين، فلا يمكن لأحد أن يتوقع من الشعب العربي والمسلم أن يقبل بفكرة القيادة الإيرانية في المنطقة، وهو يشاهد الطائرات وهي تقصف المدن السورية، وتقتل المدنيين هناك، برعاية إيرانية، وحصار القرى السورية، برعاية ومشاركة إيرانية، أو حصار الفلوجة في العراق، برعاية وقيادة إيرانية لميليشيات طائفية، تدعي محاربتها لداعش، ولكن رائحة طائفيتها النتنة تفوح في كل مكان.